الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال الفخر: .المسألة الأولى: في معنى {إِن ظَنَّا}: .المسألة الثانية: كلمة {إن} في اللغة للشرط: .قال القرطبي: .قال البقاعي: .قال الفخر: .قال ابن عاشور: والمراد {بقوم يعلمون}، الذين يفهمون الأحكام فهمًا يهيئهم للعمل بها، وبإدراك مصالحها، ولا يتحيلون في فهمها. {وَتِلْكَ حُدُودُ الله يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}. الواو اعتراضية، والجملة معترضة بين الجملتين المعطوفة إحداهما على الأخرى، وموقع هذه الجملة كموقع جملة: {تلك حدود الله فلا تعتدوها} [البقرة: 229] المتقدمة آنفًا. و{وتلك حدود الله} تقدم الكلام عليها قريبًا. وتبيين الحدود ذكرها للناس موضحة مفصلة معللة، ويتعلق قوله: {لقوم يعلمون} بفعل {يبينها}، ووصف القوم بأنهم يعلمون صريح في التنويه بالذين يدركون ما في أحكام الله من المصالح، وهو تعريض بالمشركين الذين يعرضون عن اتّباع الإسلام. وإقحام كلمة لقوم للإِيذان بأن صفة العلم سجيتهم وملكة فيهم. اهـ. .قال الألوسي: .قال السعدي: ويشترط أن يكون نكاح الثاني، نكاح رغبة، فإن قصد به تحليلها للأول، فليس بنكاح، ولا يفيد التحليل، ولا يفيد وطء السيد، لأنه ليس بزوج، فإذا تزوجها الثاني راغبا ووطئها، ثم فارقها وانقضت عدتها {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} أي: على الزوج الأول والزوجة {أَنْ يَتَرَاجَعَا} أي: يجددا عقدا جديدا بينهما، لإضافته التراجع إليهما، فدل على اعتبار التراضي. ولكن يشترط في التراجع أن يظنا {أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} بأن يقوم كل منهما، بحق صاحبه، وذلك إذا ندما على عشرتهما السابقة الموجبة للفراق، وعزما أن يبدلاها بعشرة حسنة، فهنا لا جناح عليهما في التراجع. ومفهوم الآية الكريمة، أنهما إن لم يظنا أن يقيما حدود الله، بأن غلب على ظنهما أن الحال السابقة باقية، والعشرة السيئة غير زائلة أن عليهما في ذلك جناحا، لأن جميع الأمور، إن لم يقم فيها أمر الله، ويسلك بها طاعته، لم يحل الإقدام عليها. وفي هذا دلالة على أنه ينبغي للإنسان، إذا أراد أن يدخل في أمر من الأمور، خصوصا الولايات، الصغار، والكبار، نظر في نفسه، فإن رأى من نفسه قوة على ذلك، ووثق بها، أقدم، وإلا أحجم. ولما بين تعالى هذه الأحكام العظيمة قال: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} أي: شرائعه التي حددها وبينها ووضحها. {يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} لأنهم هم المنتفعون بها، النافعون لغيرهم. وفي هذا من فضيلة أهل العلم، ما لا يخفى، لأن الله تعالى جعل تبيينه لحدوده، خاصا بهم، وأنهم المقصودون بذلك، وفيه أن الله تعالى يحب من عباده، معرفة حدود ما أنزل على رسوله والتفقه بها. اهـ. .أسئلة وأجوبة: .سؤالان: فإن قيل: ما الحكمة في إسناد النِّكاح إلى المرأة دون الرجل فقال: {حتى تَنْكِحَ زَوْجًا}؟ إحداهما: ليفيد أنَّ المقصود من هذا النكاح الوطء، لا مجرَّد العقد؛ لأن المرأة لا تعقد عقد النكاح، بخلاف الرجل؛ فإنه يطلِّق عند العقد. الثانية: لأنَّه أفصح، لكونه أوجز. فإن قيل: فقد أُسند النِّكاح إلى المرأة في قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» وإنما أراد العقد. فالجواب: أن هذا يدلُّ لنا؛ لأنَّ جَعْلَ إسناد النكاح إلى المرأة، والمراد به العقد، يكون باطلًا، وكلامنا في إسناد النِّكاح الصَّحيح. اهـ. .سؤال: فإن قلت ما معنى لعنهما؟ أو المراد من اللعن إظهار خساستهما. أما خساسة المحلل فلمباشرته مثل هذا النكاح بدليل قوله عليه السلام: «ألا أنبئكم بالتيس المستعار» وأما خساسة المحلل له فلمباشرة ما ينفر عنه الطبع السليم من عودها إليه بعد مضاجعة غيره إياها واستمتاعه بها لا حقيقة اللعن إذ هو لا يليق بمنصب الرسالة في حق الأمة لأنه عليه الصلاة والسلام لم يبعث لعانا. اهـ. .سؤال: لم خص العلماء بهذا البيان؟ أحدها: أنهم هم الذين ينتفعون بالآيات فغيرهم بمنزلة من لا يعتد به، وهو كقوله: {فِيهِ هُدًى لّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]، والثاني: أنه خصهم بالذكر كقوله: {وملائكته وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وميكال} [البقرة: 98] والثالث: يعني به العرب لعلمهم باللسان، والرابع: يريد من له عقل وعلم، كقوله: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ العالمون} [العنكبوت: 43] والمقصود أنه لا يكلف إلا عاقلًا عالمًا بما يكلفه، لأنه متى كان كذلك فقد أزيح عذر المكلف، والخامس: أن قوله: {تِلْكَ حُدُودُ الله} يعني ما تقدم ذكره من الأحكام يبينها الله لمن يعلم أن الله أنزل الكتاب وبعث الرسول ليعملوا بأمره وينتهوا عما نهوا عنه. اهـ. .من لطائف وفوائد المفسرين: .قال ابن القيم: ثبت في الصحيحين: عن عائشة رضى الله عنها، أن امرأة رفاعة القرظى جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن رفاعة طلقنى، فبت طلاقى، وإنى نكحت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظى، وإن ما معه مثل الهدبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعلك تريدين أن ترجعى إلى رفاعة. لا، حتى تذوقى عسيلته ويذوق عسيلتك». وفى سنن النسائى: عن عائشة رضى الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العسيلة: الجماع ولو لم ينزل». وفيها عن ابن عمر، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا، فيتزوجها الرجل، فيغلق الباب، ويرخى الستر، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر. فتضمن هذا الحكم أمورًا. أحدهما: أنه لا يقبل قول المرأة على الرجل أنه لا يقدر على جماعها. الثانى: أن إصابة الزوج الثانى شرط في حلها للأول، خلافا لمن اكتفى بمجرد العقد، فإن قوله مردود بالسنة التي لا مرد لها. الثالث: أنه لا يشترط الإنزال، بل يكفى مجرد الجماع الذي هو ذوق العسيلة. الرابع: أنه صلى الله عليه وسلم لم يجعل مجرد العقد المقصود الذي هو نكاح رغبة كافيا، ولا اتصال الخلوة به، وإغلاق الأبواب، وإرخاء الستور حتى يتصل به الوطء، وهذا يدل على أنه لا يكفى مجرد عقد التحليل الذي لا غرض للزوج والزوجة فيه سوى صورة العقد، وإحلالها للأول بطريق الأولى، فإنه إذا كان عقد الرغبة المقصود للدوام غير كاف حتى يوجد فيه الوطء، فكيف يكفى عقد تيس مستعار ليحلها لا رغبة له في إمساكها، إنما هو عارية كحمار العشرين المستعار للضراب؟. اهـ.
|