الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.فِي إخْرَاجِ الْقَمْحِ وَالذُّرَةِ وَالْأُرْزِ وَالتَّمْرِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ: قَالَ: الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالذُّرَةُ وَالسُّلْتُ وَالْأُرْزُ وَالدُّخْنُ وَالزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ وَالْأَقِطُ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى لِأَهْلِ مِصْرَ أَنْ يَدْفَعُوا إلَّا الْقَمْحَ لِأَنَّ ذَلِكَ جُلُّ عَيْشِهِمْ، إلَّا أَنْ يَغْلُوَ سُعْرُهُمْ فَيَكُونَ عَيْشُهُمْ الشَّعِيرَ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَدْفَعُوا شَعِيرًا. قَالَ مَالِكٌ: وَأَمَّا مَا نَدْفَعُ نَحْنُ بِالْمَدِينَةِ فَالتَّمْرُ. .فِي إخْرَاجِ الْقُطْنِيَّةِ وَالدَّقِيقِ وَالتِّينِ وَالْعُرُوضِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ. قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ فِي الَّذِي دَفَعَ مِنْ هَذِهِ الْقُطْنِيَّةِ إلَى الْمَسَاكِينِ قِيمَةُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ قِيمَةُ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ قِيمَةُ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ؟ قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ عِنْدَ مَالِكٍ. قَالَ: وَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَالدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ؟ قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ. قُلْتُ: فَالتِّينُ؟ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ. قَالَ: وَأَنَا أَرَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ أَدَاءُ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْقُطْنِيَّةِ مِثْلِ اللُّوبِيَا أَوْ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاء الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَيْشَ قَوْمٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَدُّوا مِنْ ذَلِكَ وَيُجَزِّئُهُمْ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُجْزِئُ الرَّجُلَ أَنْ يُعْطِيَ مَكَانَ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَرْضًا مِنْ الْعُرُوضِ. قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَنِي أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: قَالَ: صَاعًا مِنْ طَعَامٍ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ: قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ. قَالَ: قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَعَامِرٌ: صَاعًا صَاعًا. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إنْ أَعْطَى بُرًّا قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ أَعْطَى تَمْرًا قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ أَعْطَى سُلْتًا قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ أَعْطَى شَعِيرًا قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ أَعْطَى زَبِيبًا قُبِلَ مِنْهُ، قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: وَقَالَ عَامِرٌ وَابْنُ سِيرِينَ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ. .فِي قَسْمِ زَكَاةِ الْفِطْرِ: فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ وَسَأَلْنَاهُ عَنْهَا سِرًّا فَقَالَ لَنَا: أَرَى أَنْ يُفَرِّقَ كُلُّ قَوْمٍ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي مَوَاضِعِهِمْ، أَهْلُ الْقُرَى حَيْثُ هُمْ فِي قُرَاهُمْ وَأَهْلُ الْعَمُودِ حَيْثُ هُمْ وَأَهْلُ الْمَدَائِنِ فِي مَدَائِنِهِمْ. قَالَ: وَيُفَرِّقُونَهَا هُمْ وَلَا يَدْفَعُونَهَا إلَى السُّلْطَانِ إذَا كَانَ لَا يَعْدِلُ فِيهَا. قَالَ: وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ: إذَا كَانَ الْإِمَامُ يَعْدِلُ لَمْ يَسَعْ أَحَدٌ أَنْ يُفَرِّقَ شَيْئًا مِنْ الزَّكَاةِ وَلَكِنْ يَدْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْوَالِيَ لَوْ كَانَ عَدْلًا كَيْفَ يَصْنَعُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إذْ رُفِعَتْ إلَيْهِ، أَيُفَرِّقُهَا فِي الْمَدِينَةِ حَيْثُ هُوَ أَمْ يَرُدُّ زَكَاةَ كُلِّ قَوْمٍ إلَى مَوَاضِعِهِمْ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَدْفَعُ أَهْلُ الْقُرَى إلَى الْمَدَائِنِ إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُمْ أَحَدٌ يَسْتَوْجِبُهَا فَيَدْفَعَهَا إلَى أَقْرَبِ الْقُرَى إلَيْهِ مِمَّنْ يَسْتَوْجِبُهَا، وَإِنَّمَا يُقَسِّمُ زَكَاةَ الْفِطْرِ أَهْلُ كُلِّ قَرْيَةٍ فِي قَرْيَتِهِمْ إذَا كَانَ فِيهَا مَسَاكِينُ وَلَا يُخْرِجُونَهَا عَنْهُمْ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَعَنْ عِيَالِهِ مِسْكِينًا وَاحِدًا. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْطَى أَهْلُ الذِّمَّةِ وَلَا الْعَبِيدُ مَنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ شَيْئًا. .فِي الَّذِي يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ لِيُؤَدِّيَهَا فَتَتْلَفُ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَرَجْت زَكَاةَ الْفِطْرِ لِأُؤَدِّيَهَا فَأُهْرِيقَتْ أَوْ تَلِفَتْ، أَيَكُونُ عَلَيَّ ضَمَانُهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَخْرَجَ زَكَاةَ مَالَهُ لِيَدْفَعَهَا عِنْدَ مَحِلِّهَا فَذَهَبَتْ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ دَفْعُهَا بَعْدَمَا أَخْرَجَهَا فَرَجَعَ إلَى مَنْزِلِهِ فَوَجَدَ مَالَهُ قَدْ سُرِقَ أَلَمْ يَكُنْ لِيَضَعَ عَنْهُ مَا سُرِقَ مِنْ مَالِهِ إخْرَاجَ مَا أَخْرَجَ مِنْ زَكَاتِهِ لِيَدْفَعَهَا. قَالَ مَالِكٌ: فَلِذَلِكَ رَأَيْتُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الَّذِي أَخْرَجَ إذَا ضَاعَتْ. قَالَ مَالِكٌ: هَذَا فِي زَكَاةِ الْأَمْوَالِ، وَزَكَاةُ الْفِطْرِ عِنْدِي بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ إذَا أَخْرَجَهَا عِنْدَ مَحِلِّهَا. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ إنَّمَا أَخْرَجَهَا بَعْدَ إبَّانِهَا وَقَدْ كَانَ فَرَّطَ فِيهَا فَأَخْرَجَهَا بَعْدَ إبَّانِهَا فَضَاعَتْ قَبْلَ أَنْ يُوَصِّلَهَا أَنَّهُ ضَامِنٌ لَهَا. .كِتَابُ الْحَجِّ الْأَوَّلُ: .مَا جَاءَ فِي الْقِرَانِ وَالْغُسْلِ لِلْمُحْرِمِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْإِفْرَادُ بِالْحَجِّ أَحَبُّ إلَيَّ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ يُوَسِّعُ مَالِكٌ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ لِلرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ إذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ؟ قَالَ: لَا إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَالنُّفَسَاءُ تَغْتَسِلُ وَالْحَائِضُ تَغْتَسِلُ إذَا أَرَادَتْ الْإِحْرَامَ وَلَا تَدَعُ الْغُسْلَ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، وَكَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ الْغُسْلَ وَلَا يَسْتَحِبُّ أَنْ يَتَوَضَّأَ مَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ وَيَدَعَ الْغُسْلَ. قَالَ مَالِكٌ: إنْ اغْتَسَلَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ ثُمَّ مَضَى مَنْ فَوْرِهِ إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ فَأَحْرَمَ. قَالَ: أَرَى غُسْلَهُ مُجْزِئًا عَنْهُ. قَالَ: وَإِنْ اغْتَسَلَ بِالْمَدِينَةِ غُدْوَةً ثُمَّ أَقَامَ إلَى الْعَشِيِّ ثُمَّ رَاحَ إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ فَأَحْرَمَ؟ قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ الْغُسْلُ. قَالَ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْغُسْلُ بِالْمَدِينَةِ لِرَجُلٍ يَغْتَسِلُ ثُمَّ يَرْكَبُ مِنْ فَوْرِهِ، أَوْ رَجُلٍ يَأْتِي ذَا الْحُلَيْفَةِ فَيَغْتَسِلُ إذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ. .مَا جَاءَ فِي التَّلْبِيَةِ: قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: تُجْزِئُهُ التَّلْبِيَةُ يَنْوِي بِهَا الْإِحْرَامَ الَّذِي يُرِيدُ وَلَا يَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي مُحْرِمٌ بِحَجَّةٍ، وَكَانَ ذَلِكَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَتَى يُلَبِّي فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَفِي دُبُرِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ أَمْ فِي دُبُرِ صَلَاةٍ نَافِلَةٍ، أَوْ إذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَوْ إذَا انْطَلَقَتْ بِهِ؟ قَالَ: يُلَبِّي إذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ فِي فِنَاءِ الْمَسْجِدِ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ كُنْتُ فِيمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أُحْرِمَ، لِمَ أَمَرَنِي مَالِكٌ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ يَأْمُرُنِي أَنْ أُحْرِمَ إذَا اسْتَوَتْ بِي رَاحِلَتِي، وَلَا يَأْمُرُنِي أَنْ أَحْرُمَ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ؟ قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ نَافِلَةً إذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ إذَا كَانَ فِي سَاعَةٍ يُصَلَّى فِيهَا، قُلْنَا لَهُ: فَفِي هَذِهِ النَّافِلَةِ حَدٌّ؟ قَالَ: لَا. قُلْنَا لَهُ: فَلَوْ صَلَّى مَكْتُوبَةً لَيْسَ بَعْدَهَا نَافِلَةً أَيُحْرِمُ بَعْدَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْنَا لَهُ: فَلَوْ جَاءَ فِي إبَّانٍ لَيْسَ فِيهِ صَلَاةٌ بَعْدَ الصُّبْحِ أَوْ فِي بَعْدِ الْعَصْرِ وَقَدْ صَلَّى الصُّبْحَ أَوْ الْعَصْرَ؟ قَالَ: لَا يَبْرَحُ حَتَّى يَحِلَّ وَقْتُ صَلَاةٍ فَيُصَلِّيَهَا، ثُمَّ يُحْرِمُ إذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا مُرَاهِقًا يَخَافُ فَوَاتَ حَجِّهِ أَوْ رَجُلًا خَائِفًا أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ الْعُذْرِ، فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُحْرِمَ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ تَوَجَّهَ نَاسِيًا لِلتَّلْبِيَةِ مِنْ فِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَيَكُونُ فِي تَوَجُّهِهِ مُحْرِمًا؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَاهُ مُحْرِمًا بِنِيَّتِهِ فَإِنْ ذَكَرَ مِنْ قَرِيبٍ لَبَّى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ تَرَكَهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ رَأَيْتُ أَنْ يُهْرِيقَ دَمًا. وَقَالَ مَالِكٌ: يَدْهُنُ الْمُحْرِمُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَبَعْدَ حِلَاقَةِ رَأْسِهِ بِالزَّيْتِ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَبِالْبَانِ السَّمْحِ وَهُوَ الْبَانُ غَيْرُ الْمُطَيَّبِ، وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ يَبْقَى رِيحُهُ فَلَا يُعْجِبُنِي. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يُوَسِّعُ فِي ثَوْبَيْهِ إذَا كَانَا غَيْرَ جَدِيدَيْنِ إذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ أَنْ لَا يَغْسِلَهُمَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عِنْدِي ثَوْبٌ قَدْ أَحْرَمْتُ فِيهِ حِجَجًا وَمَا غَسَلْتُهُ وَلَمْ يَكُنْ يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا. مَا يُكْرَهُ مِنْ اللِّبَاسِ لِلْمُحْرِمِ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ بِالْعُصْفُرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَنْ يُحْرِمُوا فِيهِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ الثَّوْبَ الْمُفَدَّمَ بِالْعُصْفُرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَنْ يُحْرِمُوا فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْتَفِضُ. قَالَ: وَكَرِهَهُ أَيْضًا لِلرِّجَالِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَيُّ الصَّبْغِ كَانَ يَكْرَهُهُ مَالِكٌ؟ قَالَ: الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ وَالْعُصْفُرُ الْمُفَدَّمُ الَّذِي يَنْتَفِضُ، وَلَمْ يَكُنْ يَرَى بِالْمُمَشَّقِ وَالْمُوَرَّدِ بَأْسًا. مَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُهُ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَكَانَ مَالِكٌ يَرَى بَأْسًا أَنْ يُحْرِمَ الرَّجُلُ فِي الْبَرْكَانَاتِ وَالطَّيَالِسَةِ الْكُحْلِيَّةِ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنْ يَرَى مَالِكٌ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا بَأْسًا. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ أَيْنَ إحْرَامُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ إحْرَامُ الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ. قَالَ: وَكَرِهَ مَالِكٌ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُغَطِّيَ مَا فَوْقَ الذَّقَنِ. قُلْتُ: فَإِنْ فَعَلَ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا لِمَا جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَا كَانَ مِنْ الْمَصْبُوغِ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ فَغُسِلَ حَتَّى صَارَ لَا يَنْتَفِضُ وَلَوْنُهُ فِيهِ، هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ كَانَ يَكْرَهُ هَذَا الَّذِي ذَكَرْتَ مِنْ الثِّيَابِ الْمَصْبُوغَةِ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ وَإِنْ كَانَ قَدْ غُسِلَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ ذَهَبَ لَوْنُهُ فَلَمْ يَبْقَ فِيهِ مِنْ لَوْنِهِ شَيْءٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ: وَإِنْ غَسَلَهُ فَغَلَبَهُ لَوْنُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ وَلَمْ يَجِدْ ثَوْبًا غَيْرَهُ صَبَغَهُ بِالْمَشْقِ، ثُمَّ يُحْرِمُ فِيهِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَغْسِلَ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ؟ قَالَ: نَعَمْ كَانَ يَكْرَهُهُ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَغْمِسَ رَأْسَهُ فِي الْمَاءِ خَشْيَةَ أَنْ يَقْتُلَ الدَّوَابَّ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَحَرَّكَهُ بِيَدِهِ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَغْمِسَ رَأْسَهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا أَرَى بَأْسًا إنْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ حَرًّا أَنْ يَصُبَّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ يُحْرِمُ الرَّجُلُ مَنْ الْوَقْتِ أَيَّ سَاعَةٍ يَشَاءُ إنْ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ؟ قَالَ: نَعَمْ إلَّا فِي وَقْتٍ لَا صَلَاةَ فِيهِ، فَلْيَنْتَظِرْ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ صَلَاةٍ ثُمَّ يُحْرِمُ بَعْدَ صَلَاةٍ إنْ شَاءَ مَكْتُوبَةً وَإِنْ شَاءَ نَافِلَةً. قَالَ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُحْرِمَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةِ تَطَوُّعٍ بَعْدَمَا تَسْتَوِي بِهِ رَاحِلَتُهُ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ الْمِيقَاتُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ أَكَانَ يُلْزِمُهُ مَالِكٌ الْإِحْرَامَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يُحْرِمَ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ بِالْحَجِّ أَكَانَ مَالِكٌ، يُلْزِمْهُ ذَلِكَ الْإِحْرَامَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَكَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ لِمَنْ جَاءَ مَكَّةَ لَيْلًا أَنْ لَا يَدْخُلَ حَتَّى يُصْبِحَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ وَاسِعٌ. قَالَ: وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ نَهَارًا. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: كَيْفَ كَانَ اسْتِلَامُ الْأَرْكَانِ عِنْدَ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُسْتَلَمُ الرُّكْنَانِ اللَّذَانِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ بِيَدٍ وَلَا يُقَبَّلَانِ، وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ بِالْيَدِ وَيَضَعُ الْيَدَ الَّتِي اسْتَلَمَ بِهَا عَلَى الْفَمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَبِّلَ يَدَهُ، وَلَا يُقَبِّلُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ بِفِيهِ وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ بِالْيَدِ، وَيَضَعُ الْيَدَ الَّتِي اسْتَلَمَ بِهَا عَلَى الْفَمِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ أَيْضًا، وَلَا يُقَبِّلُ الْيَدَ فِي اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَلَا فِي الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، وَإِنَّمَا تُوضَعُ عَلَى الْفَمِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ أَوْ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ بِالْفَمِ وَحْدَهُ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فَإِذَا حَاذَاهُ كَبَّرَ وَمَضَى. قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَهَذَا الَّذِي يَقُولُهُ النَّاسُ إذَا حَاذَوْهُ إيمَانًا بِكَ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَرَأَى أَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَقَالَ: إنَّمَا يُكَبِّرُ وَيَمْضِي وَلَا يَقِفُ. .فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُكَبِّرُ وَيَمْضِي وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْتَلِمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ لِزِحَامِ النَّاسِ، أَيُكَبِّرُ وَيَمْضِي أَمْ لَا يُكَبِّرُ؟ قَالَ: يُكَبِّرُ وَيَمْضِي. قُلْتُ: أَكَانَ مَالِكٌ يَأْمُرُ بِالزِّحَامِ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ عِنْدَ اسْتِلَامِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ مَا لَمْ يَكُنْ مُؤْذِيًا. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: إذَا رَاحَ إلَى الْمَسْجِدِ، يُرِيدُ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَرَاحَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ. قَالَ: وَوَقَفْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَخْبَرَنَا بِمَا أَخْبَرْتُكَ، فَكَانَ مِمَّا ثَبَتَ بِهِ هَذَا عِنْدَنَا وَعِلْمنَا أَنَّهُ رَأْيُهُ، إنَّهُ قَالَ: لَا يُلَبِّي الْإِمَامُ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَيُكَبِّرُ بَيْنَ ظَهْرَانِي خُطْبَتِهِ. قَالَ: وَلَمْ يُوَقِّتْ لَنَا فِي تَكْبِيرِهِ وَقْتًا. قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ قَبْلَ ذَلِكَ يَقُولُ: يَقْطَعُ الْمُحْرِمُ التَّلْبِيَةَ إذَا رَاحَ إلَى الْمَوْقِفِ، وَكَانَ يَقُولُ يَقْطَعُ إذْ زَاغَتْ الشَّمْسُ، فَلَمَّا وَقَفْنَاهُ عَلَيْهِ قَالَ: إذَا رَاحَ إلَى الْمَسْجِدِ قَطَعَ، يُرِيدُ إذَا كَانَ رَوَاحُهُ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَكَانَ مَالِكٌ يَأْمُرُ بِالتَّكْبِيرِ إذَا قَطَعَ الْمُحْرِمُ التَّلْبِيَةَ؟ قَالَ: مَا سَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُكَبِّرَ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الصَّلَاةَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ أَيُكَبِّرُ فِي دُبُرِهَا فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَتَى يَقْطَعُ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ التَّلْبِيَةَ؟ قَالَ: إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا رَأْيِي لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ عُمْرَةً. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَالْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ لَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَرُوحَ إلَى الصَّلَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ، إلَّا أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوَّلَ مَا يَدْخُلُ فَطَافَ بِالْبَيْتِ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى تَلْبِيَتِهِ حَتَّى يَرُوحَ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَى الصَّلَاةِ. قَالَ: وَإِنْ لَبَّى إذَا دَخَلَ حَوْلَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ لَمْ أَرَ ذَلِكَ ضَيِّقًا عَلَيْهِ، وَرَأَيْته فِي سَعَةٍ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُلَبِّيَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَذَلِكَ وَاسِعٌ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لَهُ إذَا دَخَلَ فِي الطَّوَافِ الْأَوَّلِ يَوْمَ يَدْخُلُ مَكَّةَ وَهُوَ مُفْرِدٌ بِالْحَجِّ أَوْ قَارِنٌ أَنْ يُلَبِّيَ مِنْ حِينِ يَبْتَدِئُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ سَعْيِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ قَالَ نَعَمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَاهُ ضَيِّقًا عَلَيْهِ إذَا لَبَّى. قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ إذَا أَفْتَى بِهَذَا يَقُولُ: لَا يُلَبِّي مِنْ حِينِ يَبْتَدِئُ الطَّوَافَ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ سَعْيِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، يَقُولُ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ: وَإِنْ لَبَّى فَهُوَ فِي سَعَةٍ. قَالَ: وَإِذَا فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَادَ إلَى التَّلْبِيَةِ. قَالَ ابْن الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: وَالْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ مَنْ مِيقَاتِهِ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ ثُمَّ لَا يَعُودُ إلَيْهَا، وَاَلَّذِي يُحْرِمُ مِنْ غَيْرِ مِيقَاتِهِ مِثْلُ الْجِعْرَانَةِ وَالتَّنْعِيمِ يَقْطَعُونَ إذَا دَخَلُوا بُيُوتَ مَكَّةَ. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَوْ الْمَسْجِدَ؟ قَالَ: أَوْ الْمَسْجِدَ كُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الْمُحْصَرَ بِمَرَضٍ فِي حَجَّتِهِ مِنْ أَيْنَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إذَا فَاتَهُ الْحَجُّ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلَ الْحَرَمِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُحِلُّهُ مِنْ إحْرَامِهِ إلَّا الْبَيْتُ وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ بِهِ سِنِينَ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ هُوَ تَطَاوَلَ بِهِ مَرَضُهُ حَتَّى جَاءَ فِي حَجٍّ قَابِلٍ فَخَرَجَ فَوَافَى الْحَجَّ وَهُوَ فِي إحْرَامِهِ الَّذِي كَانَ أُحْصِرَ فِيهِ وَحَجَّ بِهِ قَابِلًا؟ قَالَ: يُجْزِئُهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: وَيَكُونُ عَلَيْهِ الدَّمُ فِي هَذَا؟ قَالَ: لَا دَمَ عَلَيْهِ فِي هَذَا، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَالْمَحْصُورُ بِعَدُوٍّ يُحِلُّ بِمَوْضِعِهِ الَّذِي حُصِرَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ، وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَكَانَ مَالِكٌ يَأْمُرُ بِالْهَدْيِ إذَا أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيَهُ الَّذِي هُوَ مَعَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ كَانَ الْمَحْصُورُ بِعَدُوٍّ ضَرُورَةً أَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ مِنْ قَابِلٍ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَحْصُورَ بِعَدُوٍّ إنْ كَانَ قَدْ قَضَى حَجَّةَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أُحْصِرَ فَصُدَّ عَنْ الْبَيْتِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ قَضَاءُ هَذِهِ الْحَجَّةِ الَّتِي صُدَّ عَنْهَا؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ صُدَّ عَنْ الْعُمْرَةِ بِعَدُوٍّ حَصَرَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَإِنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ أَيَّامُ الْحَجِّ وَيَفُوتَ الْحَجُّ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ مَحْصُورًا وَإِنْ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ حَتَّى يَفُوتَهُ الْحَجُّ. قُلْتُ: فَإِنْ أُحْصِرَ فَصَارَ إنْ حَلَّ لَمْ يُدْرِكْ الْحَجَّ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْأَيَّامِ، أَيَكُونُ مَحْصُورًا أَوْ يُحِلُّ مَكَانَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ ذَهَابَ الْحَجِّ؟ قَالَ: نَعَمْ هُوَ الْآنَ مَحْصُورٌ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: مَا أَدْرِي، أَوْقَفْتُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ رَأْيِي. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَيُلَبِّي الْقَارِنُ وَالْحَاجُّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟ قَالَ: وَالْحَاجُّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ الْمَجَامِعُ فِي الْحَجِّ؟ قَالَ: يَفْعَلُ كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ فِي جَمِيعِ أَمْرِهِ، وَلَا يَقْطَعُ إلَّا كَمَا يَقْطَعُ الْحَاجُّ، قَالَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يُلَبِّيَ الرَّجُلُ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ؟ قَالَ: نَعَمْ كَانَ يَكْرَهُهُ وَيَرَاهُ خَرْقًا لِمَنْ فَعَلَهُ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَلَيْسَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مَنْ لَبَّى يُرِيدُ الْإِحْرَامَ فَهُوَ مُحْرِمٌ إنْ أَرَادَ حَجًّا فَحَجَّ وَإِنْ أَرَادَ عُمْرَةً فَعُمْرَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا حَدُّ مَا تَرْفَعُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ صَوْتَهَا عِنْدَ مَالِكٍ فِي التَّلْبِيَةِ؟ قَالَ: قَدْرُ مَا تُسْمِعُ نَفْسَهَا. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الصَّبِيَّ إذَا كَانَ لَا يَتَكَلَّمُ فَحَجَّ بِهِ أَبُوهُ أَيُلَبِّي عَنْهُ أَوَّلَ مَا يُحْرِمُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنْ يُجَرِّدُهُ، قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُجَرِّدُهُ إذَا كَانَ صَغِيرًا هَكَذَا حَتَّى يَدْنُوَ مِنْ الْحَرَمِ. قَالَ مَالِكٌ: وَالصِّبْيَانُ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ، مِنْهُمْ الْكَبِيرُ قَدْ نَاهَزَ وَمِنْهُمْ الصَّغِيرُ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ وَثَمَانِ سِنِينَ الَّذِي لَا يَجْتَنِبُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ، فَذَلِكَ يَقْرُبُ مِنْ الْحَرَمِ ثُمَّ يُحْرِمُ وَاَلَّذِي قَدْ نَاهَزَ فَمِنْ الْمِيقَاتِ لِأَنَّهُ يَدَعُ مَا يُؤْمَرُ بِتَرْكِهِ. قَالَ مَالِكٌ: وَالصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَتَكَلَّمُ إذَا جَرَّدَهُ أَبُوهُ، يُرِيدُ بِتَجْرِيدِهِ الْإِحْرَامَ فَهُوَ مُحْرِمٌ وَيُجَنِّبُهُ مَا يُجَنِّبُ الْكَبِيرَ. قَالَ: وَإِذَا طَافُوا فَلَا يَطُوفَنَّ بِهِ أَحَدٌ لَمْ يَطُفْ طَوَافَهُ الْوَاجِبَ، لِأَنَّهُ يُدْخِلُ طَوَافَيْنِ فِي طَوَافٍ، طَوَافَ الصَّبِيِّ وَطَوَافَ الَّذِي يَطُوفُ بِهِ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَمَا الطَّوَافُ الْوَاجِبُ عِنْدَ مَالِكٍ؟ قَالَ: طَوَافُهُ الَّذِي يَصِلُ بِهِ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: يَسْعَى بِهَذَا الصَّبِيِّ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَنْ لَمْ يَسْعَ بَيْنَهُمَا السَّعْيَ الَّذِي عَلَيْهِ؟ قَالَ: السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي هَذَا أَخَفُّ عِنْدِي مِنْ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ إنْ فَعَلَ وَلَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَجْمَعَهُ لِنَفْسِهِ وَلِلصَّبِيِّ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، لِأَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ عِنْدَهُ كَالصَّلَاةِ وَأَنَّهُ لَا يَطُوفُ أَحَدٌ إلَّا وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لَيْسَ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ، قَدْ يَسْعَى مَنْ لَيْسَ عَلَى وُضُوءٍ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَرْمِي عَنْ الصَّبِيِّ مَنْ لَمْ يَكُنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ، يَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ الصَّبِيِّ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ حَتَّى يَرْمِيَ عَنْ نَفْسِهِ فَيَفْرُغُ مِنْ رَمْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يَرْمِي عَنْ الصَّبِيِّ، وَقَالَ: ذَلِكَ وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ سَوَاءٌ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ حَتَّى يَرْمِيَ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ الصَّبِيِّ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ دَخَلَ مُرَاهِقًا وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ أَوْ قَارِنٌ أَوْ مُتَمَتِّعٌ: أَنَّهُ إنْ خَافَ إنْ طَافَ بِالْبَيْتِ أَنْ يَفُوتَهُ الْحَجُّ. قَالَ: يَمْضِي لِوَجْهِهِ وَيَدَعُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ إنْ كَانَ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ أَوْ قَارِنًا، وَإِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا أَرْدَفَ الْحَجَّ أَيْضًا وَمَضَى لِوَجْهِهِ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَصِيرُ قَارِنًا وَيَقْضِي حَجَّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ يَرَى قَضَاءً لِلْعُمْرَةِ فِي جَمِيعِ هَذَا وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ دَمٌ لِمَا تَرَكَ مِنْ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ لِأَنَّهُ كَانَ مُرَاهِقًا. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ دَخَلَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ أَوْ قَارِنًا فَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى مَضَى إلَى عَرَفَاتٍ، فَإِنَّهُ يُهْرِيقُ دَمًا لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي الطَّوَافِ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ حَتَّى خَرَجَ إلَى عَرَفَاتٍ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ دَخَلَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ مُعْتَمِرًا أَوْ قَارِنًا فَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ حَتَّى خَرَجَ إلَى عَرَفَاتٍ فَفَرَضَ الْمُعْتَمِرُ الْحَجَّ وَخَرَجَ إلَى عَرَفَاتٍ وَمَضَى الْقَارِنُ وَلَمْ يَطُفْ حَتَّى خَرَجَ إلَى عَرَفَاتٍ؟ قَالَ: يَكُونَانِ قَارِنَيْنِ جَمِيعًا وَيَكُونُ عَلَيْهِمَا دَمُ الْقِرَانِ، وَيَكُونُ عَلَى الْقَارِنِ أَيْضًا دَمٌ آخَرُ لِمَا أَخَّرَ مِنْ طَوَافِهِ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُعْتَمِرِ غَيْرُ دَمِ الْقِرَانِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُضِيفَ الْحَجَّ إلَى الْعُمْرَةِ مَا لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ الْوَصِيُّ إذَا خَرَجَ بِالصَّبِيِّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا أَحْفَظُ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يَحُجَّ بِالصَّبِيِّ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ وَجْهٌ يَخَافُ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَكْفُلُهُ، فَإِنْ كَانَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ رَأَيْتُ أَنْ يَضْمَنَ مَا أُنْفِقَ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ مَالِهِ وَيَجُوزُ لَهُ إخْرَاجُهُ إذَا خَافَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَكْفُلُهُ، فَإِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَهُ وَيُنْفِقَ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ مَالِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَهُ. قُلْتُ: فَالْوَالِدَةُ فِي الصَّبِيِّ أَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ حَجّ بِهِ وَالِدُهُ أَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مَنْ مَالِ الصَّبِيِّ؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَلَا يَنْبَغِي لِوَالِدِهِ أَنْ يُحِجَّ الصَّبِيَّ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَخْشَى عَلَيْهِ مِثْلَ مَا خَشِيَ الْوَصِيُّ فَيَجُوزُ مَا أُنْفِقَ عَلَى الصَّبِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ ضَيْعَةً وَوَجَدَ مَنْ يَكْفُلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ فَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ، فَإِنْ فَعَلَ كَانَ ضَامِنًا لِمَا اكْتَرَى لَهُ وَمَا أَنْفَقَ فِي الطَّرِيقِ إلَّا قَدْرَ نَفَقَتِهِ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُهَا عَلَيْهِ إنْ لَوْ لَمْ يَشْخَصْ بِهِ. قَالَ: وَالْأُمُّ إذَا خَافَتْ عَلَى الصَّبِيِّ الضَّيْعَةَ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْتُ لَكَ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ كَانَ هَذَا الصَّبِيُّ لَا يَتَكَلَّمُ فَأَحْرَمَهُ مَنْ ذَكَرَتْ لَكَ مَنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ أُمٍّ أَوْ مَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ مِنْ غَيْرِ هَؤُلَاءِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّينَ أَوْ الْأَقَارِبِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الصَّبِيُّ الَّذِي رُفِعَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمِحَفَّةِ، إنَّمَا رَفَعْتُهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ». قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ مَعَهُ وَالِدًا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِذَا أَحْرَمَتْهُ أُمُّهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ جَازَ الْإِحْرَامُ، فَأَرَى كُلَّ مَنْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي حِجْرِهِ يَجُوزُ لَهُ مَا جَازَ لِلْأُمِّ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الذُّكُورِ الْغِلْمَانِ الصِّغَارِ يُحْرَمُ بِهِمْ وَعَلَيْهِمْ الْأَسْوِرَةُ وَفِي أَرْجُلِهِمْ الْخَلَاخِلُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَفَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ لِلصِّبْيَانِ الذُّكُورِ الصِّغَارِ حُلِيَّ الذَّهَبِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَدْ سَأَلْتُهُ عَنْهُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَكَرِهَهُ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَهْلُ مَكَّةَ فِي التَّلْبِيَةِ كَغَيْرِهِمْ مِنْ النَّاسِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُحْرِمَ أَهْلُ مَكَّةَ إذَا أَهَلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ. قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يَأْمُرُ أَهْلَ مَكَّةَ وَكُلَّ مَنْ أَنْشَأَ الْحَجَّ مِنْ مَكَّةَ أَنْ يُؤَخِّرَ طَوَافَهُ الْوَاجِبَ وَسَعْيَهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ عَرَفَاتٍ. قَالَ: وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ تَطَوُّعًا بَعْدَمَا أَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ فَلْيَطُفْ، وَلَكِنْ لَا يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَّا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ عَرَفَاتٍ، فَإِذَا رَجَعَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَيَكُونُ هَذَا الطَّوَافُ الَّذِي وَصَلَ بِهِ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ هُوَ الطَّوَافُ الْوَاجِبُ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الْأَخْرَسَ إذَا أَحْرَمَ فَأَصَابَ صَيْدًا أَيُحْكَمُ عَلَيْهِ كَمَا يُحْكَمُ عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ فَأَضَافَ إلَيْهِ عُمْرَةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَتَلْزَمُهُ الْعُمْرَةُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ فَعَلَ فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ أَتَلْزَمُهُ الْعُمْرَةُ أَمْ لَا؟ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَلْزَمُهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا أَرَى الْعُمْرَةَ تَلْزَمُهُ وَلَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ، وَلَا أَرَى عَلَيْهِ دَمَ الْقِرَانِ وَقَدْ سَمِعْتُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَيُّ شَيْءٍ يَجْزِي فِي دَمِ الْقِرَانِ عِنْدَ مَالِكٍ؟ قَالَ: شَاةٌ وَكَانَ يُجِيزُهَا عَلَى تَكَرُّهٍ، يَقُولُ إنْ لَمْ يَجِدْ، وَكَانَ يَقُولُ الَّذِي يُسْتَحَبُّ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَانَ مَالِكٌ إذَا اُضْطُرَّ إلَى الْكَلَامِ قَالَ تُجْزِئُ عَنْهُ الشَّاةُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي كَانَ يَسْتَحِبُّهُ مَالِكٌ فِيمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ الْبَقَرَةُ دُونَ الْبَعِيرِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ، قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ: وَنَاسٌ يَقُولُونَ زُرْنَا قَبْرَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ: فَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ هَذَا وَيُعَظِّمُهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ النَّبِيَّ يُزَارُ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَكَانَ يَكْرَهُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَمَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ لَدُنْ أَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حَجِّهِ وَيُحِلَّ؟ قَالَ: نَعَمْ كَانَ يَكْرَهُهُ لَهُ. قُلْتُ: فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَمَا طَافَ بِالْبَيْتِ أَوَّلَ مَا دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ بَعْدَمَا خَرَجَ إلَى مِنًى أَوْ فِي وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ أَوْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ؟ قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُهُ. قُلْتُ: أَفَتَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُهُ بِرَفْضِ الْعُمْرَةُ إنْ أَحْرَمَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الَّتِي ذَكَرْتُ لَكَ؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِرَفْضِهَا. قُلْتُ: أَفَتَحْفَظُ أَنَّهُ قَالَ تَلْزَمُهُ؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُ أَنَّهُ قَالَ تَلْزَمُهُ. قُلْتُ: فَمَا رَأْيُكَ؟ قَالَ: أَرَى أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ فِيمَا صَنَعَ حِينَ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مَنْ حَجِّهِ، وَلَا أَرَى الْعُمْرَةَ تَلْزَمُهُ وَهُوَ رَأْيِي وَقَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْعُمْرَةُ مَكَانَ هَذِهِ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا فِي أَيَّامِ الْحَجِّ بَعْدَ فَرَاغِهِ بِهَذِهِ الَّتِي زَعَمْتَ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ؟ قَالَ: لَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَضَافَ الْحَجَّ إلَى الْعُمْرَةِ أَيَلْزَمُهُ الْحَجَّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ وَالسُّنَّةُ إذَا فَعَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ الْحَجُّ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ إنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فَطَافَ لَهَا ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ؟ قَالَ: تَلْزَمُهُ الْحَجَّةُ وَيَصِيرُ قَارِنًا وَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ، قُلْتُ أَرَأَيْتَ إنْ أَضَافَ الْحَجَّ إلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَمَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِعُمْرَتِهِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَيَصِيرُ غَيْرَ قَارِنٍ، وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ دَمٌ لِمَا أَخَّرَ مِنْ حِلَاقِ رَأْسِهِ فِي عُمْرَتِهِ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ دَمٌ لِمُتْعَتِهِ إنْ كَانَ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ إحْلَالُهُ مِنْ عُمْرَتِهِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَمٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَتِّعٍ.
|