الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.الخبر عن استبداد ابن غمر ببجاية: واستخلف على حجابة السلطان محمد بن قالون وقرت عينه بما كان يؤمل من استبداده إلى أن كان من أمره ما نذكره إن شاء الله تعالى. .الخبر عن سفر السلطان أبي يحيى اللحياني إلى قابس وتجافيه عن الخلافة: ونهض سنة ست عشرة وسبعمائة إلى أفريقية وجال في بلاد هوارة وأخذ جبايتها كما ذكرنا فتوقع السلطان ابن اللحياني زحفه إليه بتونس وكانت أفريقية مضطربة عليه وكان تعويله في الحامية والمدافعة على أوليائه من العرب تولى منهم حمزة بن علي بن عمر بن أبي الليل فحكمه في أمره وأشركه في سلطانه وأفرده برياسة العرب وأجره الرسن وسرب إليه الأموال وكثر بذلك زبون العرب واختلافهم عليه فاجتمع على التقويض عن أفريقية ونفض اليد من الخلافة فجمع الأموال والذخيرة وباع ما كان بمودعاتهم من الآنية والفرش والخرثي والماعون والمتاع حتى الكتب التي كان الأمير أبو زكريا الأكبر جمعها واستجاد أصولها ودواوينها أخرجت للوارقين فبيعت بدكاكين سوقهم فجمع من ذلك زعموا قناطير من الذهب تجاوز العشرين قنطارا وجوالقين من حصى الدر والياقوت وخرج من تونس إلى قابس موريا بمشارفة عملها فاتح سنة سبع عشرة وسبعمائة بعد أن رتب الحامية بالحضرة وباجة والحمامات واستخلف بالحضرة أبا الحسن بن وانودين وانتهى إلى قابس فأقام بها وصرف القمال في جهاتها إلى أن كان من بيعة ولده بتونس كما نذكره بعد إن شاء الله تعالى. .الخبر عن نهوض السلطان أبي بكر إلى الحضرة ورجوعه إلى قسنطينة: وكان السلطان أبو يحيى اللحياني قد خرج عنها إلى قابس كما قدمناه واستخلف عليها أبا الحسن بن وانودين وبعث إليه بنهوض السلطان أبي بكر إلى تونس وأنه محتاج إلى المدافعة فاعتذر لهم اللحياني بما قبله من الأموال وأطلق يدهم في الجيش والمال فأركبوا واستحلقوا ورتبوا الديوان وأخرجوا ابنه محمدا ويكنى أبا ضربة فأطلقوه من اعتقاله. ولقيهم الخبر بإشراف السلطان أبي بكر على باجة فخرجوا جميعا من تونس وخالفهم إلى السلطان مولاهم ابن عمر بن أبي الليل كان مضطغنا على الدولة متربصا بها لما كان اللحياني يؤثر عليه أخاه حمزة فلقي السلطان في دوين باجة فأعطاه صفقته واستحثه ووصل إلى تونس فنزل روض السنافرة من رياض السلطان في شعبان من سنة سبع عشرة وسبعمائة وخرج إليه الملأ وترددوا في البيعة بعض الشيء انتظارا لشأن أبي ضربة وأصحابه وكان من خبرهم أن السلطان لما أغذ السير من باجة بادر حمزة بن عمر إلى بطانة اللحياني وأوليائه بتونس فلقيهم وقد خرجوا عنها فأشار عليهم ببيعة أبي ضربة ابن السلطان اللحياني ومزاحفة القوم به فبايعوه وزحفوا إلى لقاء السلطان. ودس حمزة إلى أخيه مولاهم أن يزحف بالمعسكر فأجفل السلطان عن مقامته بروض السنافرة لسبعة أيام من احتلاله قبل أن يستكمل البيعة وارتحل إلى قسنطينة ورجع عنه مولاهم من تخوم وطنه وسرح منصور بن مزني إلى ابن عمر بباجة ودخل أبو ضربة بن اللحياني والموحدون إلى تونس منتصف شعبان من سنته وبويع بالحضرة البيعة العامة وتلقب المستنصر وأراد أهل تونس على إدارة سور بالأرباض فيكون سياجا عليها فأجابوه إلى ذلك وشرع فيه وأوهنه العرب في مطالبهم واشتطوا عليه في شروطهم إلى أن عاود مولانا السلطان حركته كما نذكر إن شاء الله تعالى.
|