الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.الخبر عن ولاية الأمير أبي العباس الفضل على بونة وأولية ذلك ومصايره: .الخبر عن بيعة العرب لابن دبوس وواقعتهم مع السلطان أبي الحسن بالقيروان وما قارن ذلك كله من الأحداث: ثم وبخهم واعتقلهم وعسكر بساحة الحضرة لغزوهم وتلوم لبعث الأعطيات وأزاح العلل وبلغ الخبر إلى أحيائهم فقطع اليأس أسباب رجائهم وانطلقوا يخربون الأحزاب ويلمون للملك الأعياص وكان أولاد مهلهل أقيالهم وعديلة حملهم قد أيأسهم السلطان من القبول والرضا بما بالغوا في نصيحة المولى أبي حفص ومظاهرته فلحقوا بالقفر ودخلوا الرمال فركب إليهم قتيبة بن حمزة وأمه ومعهم ظعائن أبنائهما متذممين لأولاد مهلهل بالعصبية والقرابة فأجابهم واجتمعوا بقسطيلية وتحاثوا التراب والدماء وتذامروا بما شملهم من رهب السلطان وتوقع بأسه وتفقدوا من أعياص الموحدين من ينصبونه للأمر وكان بتوزر أحمد بن عثمان ابن أبي دبوس آخر خلفاء بني عبد المؤمن بمراكش وقد ذكرنا خبره وخروجه بجهات طرابلس وإجلابه مع العرب على تونس أيام السلطان أبي عصيدة ثم انفضوا وبقي عثمان بجهات قابس وطرابلس إلى أن هلك بجريرة جربة واستقر بنو ابنه عبد السلام بالحضرة بعد حين فاعتقلوا بها أيام السلطان أبي بكر ثم غربهم إلى الإسكندرية مع أولاد ابن الحكيم عند نكبته كما ذكرنا ذلك كله فنزلوا بالإسكندرية وأقبلوا على الحرف لمعاشهم ورجع أحمد هذا من بينهم إلى المغرب واستقر بتوزر واحترف بالخياطة ولما تفقد العرب الأعياص دلهم على نكرته بعض أهل عرفانه فانطلقوا إليه وجاؤا به وجمعوا إليه الآلة ونصبوه للأمر وتبايعوا على الاستماتة ورجع إليهم السلطان في عساكره من تونس أيام الحج من سنة ثمان ولقيهم بالثنية دون القيروان فغلبهم وأجفلوا أمامه إلى القيروان ثم تذامروا ورجعوا مستميتين ثاني محرم سنة تسع فاختل مصافه ودخل القيروان وانتهبوا معسكره بما اشتمل عليه وأخذوا بمخنقة إلى أن اختلفوا فأفرجوا عنه وخلص إلى تونس كما نذكر والله تعالى أعلم. .الخبر عن حصار القصبة بتونس ثم الافراج عن القيروان وعنها وما تخلل ذلك: ولما فرج عن ابن تافراكين من هوة الحصار بالقيروان طمعوا في الاستيلاء على قصبة تونس وفض ختامها فدفعوه إلى ذلك ثم لحق به سلطانه ابن أبي دبوس وعانى من ذلك ابن تافراكين صعبا لكثرة الرجال الذين كانوا بها ونصب المجانيق عليها فلم يغن شيئا وهو أثناء ذلك يحاول النجاء بنفسه لاضطراب الأمور واختلال الرسوم إلى أن بلغه خلوص السلطان من القيروان إلى سوسة. وكان من خبره أن العرب بعد إيقاعهم بعساكره أحاطوا بالقيروان واشتدوا في حصارها وداخل السلطان وأولاد مهلهل من الكعوب وحكيما من بني سليم في الإفراج عنه واشترط لهم على ذلك الأموال واختلف رأي العرب لذلك ودخل عليه قنيبة بن حمزة بمكانه من القيروان زعما بالطاعة فتقبله وأطلق أخويه خالدا وأحمد ولم يثق إليهم. ثم جاء إليه محمد بن طالب من أولاد مهلهل وخليفة ابن أبي زيد وأبو الهول بن يعقوب من أولاد القوس واسرى معهم بعسكره إلى سوسة فصبحها وركب منها في أساطيله إلى تونس وسبق الخبر إلى ابن تافراكين بتونس فتسلل من أصحابه وركب السفينة إلى الإسكندرية في ربيع سنة تسع وأربعين وسبعمائة. وأصبحوا وقد فقدوه فاضطربوا وأجفلوا عن تونس وخرج أهل القصبة من أولياء السلطان فملكوها وخربوا منازل الحاشية فيها ونزل السلطان بها من أسطوله في ربيع الآخر فاستقلت قدمه من العثار ورجا الكرة لولا ما قطع أسبابها عنه مما كان من انتراء أبنائه بالمغرب على ما نذكره في أخبارهم وأجلب العرب وابن أبي دبوس معهم على الحضرة ونازلوا بها السلطان فامتنعت عليهم فرجعوا إلى مهادنته فعقد لهم السلم ودخل حمزة بن عمر إليه وافدا فحبسه إلى أن تقبض على ابن أبي دبوس وأمكنه منه فلم يزل في محبسه إلى أن رحل إلى المغرب ولحق هو بالأندلس كما نذكره في أخباره وأقام السلطان بتونس ووفد عليه أحمد بن مكي فعقد لعبد الواحد بن اللحياني على الثغور الشرقية طرابلس وقابس وصفاقس وجربة وسرحه مع ابن مكي فهلك عند وصوله إليها في الطاعون الجارف وعقد لأبي القاسم بن عتو من مشيخة الموحدين وهو الذي كان قطعه بإغراء أبي محمد بن تافراكين فلما ظهر خلافه أعاد ابن عتو إلى مكانه وعقد له على بلاد قسطيلية وسرحه إليها وأقام هو بتونس إلى أن كان ما نذكره إن شاء الله تعالى.
|