الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج
. فَصْلٌ: (وَلَوْ ادَّعَتْ نِكَاحًا وَمَهْرَ الْمِثْلِ) بِأَنْ لَمْ تَجْرِ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ (فَأَقَرَّ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ)، عَنْهُ بِأَنْ نُفِيَ فِي الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ، (فَالْأَصَحُّ تَكْلِيفُهُ الْبَيَانَ) أَيْ بَيَانَ مَهْرٍ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِي الْمَهْرَ (فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا وَزَادَتْ) عَلَيْهِ (تَحَالَفَا) وَهُوَ تَحَالُفٌ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَإِنْ أَصَرَّ مُنْكِرًا) لِلْمَهْرِ (حَلَفَتْ) أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مَهْرَ مِثْلِهَا (وَقُضِيَ لَهَا) بِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُكَلِّفُ بَيَانَ مَهْرٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مَهْرًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَالثَّالِثُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا. (وَلَوْ اخْتَلَفَ فِي قَدْرِهِ زَوْجٌ وَوَلِيُّ صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ) كَأَنْ قَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُكَهَا بِأَلْفَيْنِ، فَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ بِأَلْفٍ وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا (تَحَالَفَا فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا الْوَلِيُّ فَلِأَنَّهُ الْعَاقِدُ، وَلَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ الْمَهْرِ، وَأَمَّا الزَّوْجُ فَوَاضِحٌ، وَالثَّانِي لَا تَحَالُفَ لِأَنَّا لَوْ حَلَّفْنَا الْوَلِيَّ لَأَثْبَتْنَا بِيَمِينِهِ حَقَّ غَيْرِهِ وَذَلِكَ مَحْذُورٌ، وَإِذَا لَمْ نُحَلِّفْهُ لَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرَةِ لِتَحْلِفَ مَعَهُ وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ قَبْلَ بُلُوغِهَا وَلَوْ كَانَ مَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، فَلَا تَحَالُفَ وَيُرْجَعُ فِي الْأَوَّلِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، لِأَنَّ نِكَاحَ مَنْ ذُكِرَتْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ يَقْتَضِيه، وَفِي الثَّانِي إلَى مُدَّعَى الزَّوْجِ حَذَرًا مِنْ الرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَوْ بَلَغَتْ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ حَلِفِ الْوَلِيِّ حَلَفَتْ دُونَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَوَلِيُّ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ حَلَفَتْ دُونَ الْوَلِيِّ. (وَلَوْ قَالَتْ) فِي دَعْوَاهَا (نَكَحَنِي يَوْمَ كَذَا) كَالْخَمِيسِ (بِأَلْفٍ وَيَوْمَ كَذَا) كَالسَّبْتِ (بِأَلْفٍ)، وَطَالَبَتْهُ بِأَلْفَيْنِ (وَثَبَتَ الْعَقْدَانِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ) أَوْ بِيَمِينِهَا بَعْدَ نُكُولِهِ (لَزِمَ أَلْفَانِ) لِإِمْكَانِ صِحَّةِ الْعَقْدَيْنِ بِأَنْ يَتَخَلَّلَهُمَا خُلْعٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعَرُّضِ لَهُ، وَلَا لِلْوَطْءِ فِي الدَّعْوَى، (فَإِنْ قَالَ لَمْ أَطَأْ فِيهَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ (وَسَقَطَ الشَّطْرُ) مِنْ الْأَلْفَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (وَإِنْ قَالَ كَانَ الثَّانِي تَجْدِيدَ لَفْظٍ لَا عَقْدًا لَمْ يُقْبَلْ)، لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُهَا عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ. . فَصْلٌ: (وَإِنَّمَا تَجِبُ) الْإِجَابَةُ (أَوْ تُسَنُّ) كَمَا تَقَدَّمَ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ) بِالدَّعْوَةِ فَإِنْ خَصَّهُمْ بِهَا انْتَفَى طَلَبُ الْإِجَابَةِ عَنْهُمْ حَتَّى يَدْعُوَ الْفُقَرَاءَ مَعَهُمْ (وَأَنْ يَدْعُوَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) أَيْ يَخُصُّهُ بِالدَّعْوَةِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمِرْسَالِهِ، فَإِنْ فَتَحَ دَارَهُ وَقَالَ لِيَحْضُرْ مَنْ شَاءَ أَوْ مَنْ شَاءَ فُلَانٌ، فَلَا تُطْلَبُ الْإِجَابَةُ هُنَا، وَقَوْلُهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَكْمَلَ الْمُرَادَ بِاشْتِرَاطِهِ بِقَوْلِهِ، (فَإِنْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةً لَمْ تَجِبْ فِي الثَّانِي) قَطْعًا وَاسْتِحْبَابُهَا فِيهِ دُونَ اسْتِحْبَابِهَا فِي الْأَوَّلِ (وَتُكْرَهُ فِي الثَّالِثِ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ، وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ وَفِي الثَّالِثِ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ (وَأَنْ لَا يَحْضُرَهُ لِخَوْفٍ) مِنْهُ لَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ (أَوْ طَمَعٍ فِي جَاهِهِ) بَلْ يَكُونُ لِلتَّقَرُّبِ أَوْ التَّوَدُّدِ فَإِنْ أَحْضَرَهُ أَيْ دَعَاهُ لِلْخَوْفِ أَوْ الطَّمَعِ الْمَذْكُورَيْنِ انْتَفَى عَنْهُ طَلَبُ الْإِجَابَةِ. (وَأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ مَنْ يَتَأَذَّى) هُوَ (بِهِ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ) كَالْأَرَاذِلِ فَإِنْ كَانَ، فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي التَّخَلُّفِ (وَلَا مُنْكَرٌ) كَشُرْبِ خَمْرٍ وَضَرْبِ مَلَاهٍ، وَاسْتِعْمَالِ أَوَانِي الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ (فَإِنْ كَانَ يَزُولُ بِحُضُورِهِ فَلْيَحْضُرْ) إجَابَةً لِلدَّعْوَةِ، وَإِزَالَةً لِلْمُنْكَرِ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ بِحُضُورِهِ حَرُمَ الْحُضُورُ، لِأَنَّهُ كَالرِّضَا بِالْمُنْكَرِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى حَضَرَ نَهَاهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا وَجَبَ الْخُرُوجُ إلَّا إذَا خَافَ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ بِاللَّيْلِ، فَيَقْعُدُ كَارِهًا وَلَا يَسْتَمِعُ وَلَوْ كَانَ الْمُنْكَرُ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ حَرُمَ الْحُضُورُ عَلَى مُعْتَقِدِ تَحْرِيمِهِ (وَمِنْ الْمُنْكَرِ فِرَاشُ حَرِيرٍ وَصُورَةُ حَيَوَانٍ) مَنْقُوشَةٌ (عَلَى سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ وِسَادَةٍ) مَنْصُوبَةٍ (أَوْ سِتْرٍ) مُعَلَّقٍ (أَوْ ثَوْبٍ مَلْبُوسٍ وَيَجُوزُ مَا عَلَى أَرْضٍ وَبِسَاطٍ)، يُدَاسُ (وَمِخَدَّةٍ) يُتَّكَأُ عَلَيْهَا (وَمَقْطُوعُ الرَّأْسِ وَصُوَرُ شَجَرٍ)، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا يُوطَأُ وَيُطْرَحُ مُهَانٌ مُبْتَذَلٌ، وَالْمَنْصُوبُ مُرْتَفِعٌ يُشْبِهُ الْأَصْنَامَ (وَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ) عَلَى الْحِيطَانِ وَالسُّقُوفِ وَكَذَا عَلَى الْأَرْضِ، وَفِي نَسْجِ الثِّيَابِ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ». (وَلَا تَسْقُطُ إجَابَةٌ بِصَوْمٍ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُجِبْ» (فَإِنْ شَقَّ عَلَى الدَّاعِي صَوْمُ نَفْلٍ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ) مِنْ إتْمَامِ الصَّوْمِ، وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ، فَإِتْمَامُهُ أَفْضَلُ أَمَّا صَوْمُ الْفَرْضِ، فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ مُضَيِّقًا كَانَ أَوْ مُوَسِّعًا كَالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُفْطِرِ الْأَكْلُ وَقِيلَ يَجِبُ وَأَقَلُّهُ لُقْمَةٌ. (وَيَأْكُلُ الضَّيْفُ مِمَّا قُدِّمَ لَهُ بِلَا لَفْظٍ)، مِنْ الْمُضِيفِ اكْتِفَاءً بِقَرِينَةِ التَّقْدِيمِ نَعَمْ إنْ كَانَ يَنْتَظِرُ حُضُورَ غَيْرِهِ، فَلَا يَأْكُلُ حَتَّى يَحْضُرَ أَوْ يَأْذَنَ الْمُضِيفُ لَفْظًا (وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَّا بِأَكْلٍ) فَلَا يُطْعِمُ مِنْهُ السَّائِلَ وَالْهِرَّةَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُلْقِمَ مِنْهُ غَيْرَهُ مِنْ الْأَضْيَافِ (وَلَهُ أَخْذُ مَا يَعْلَمُ رِضَاهُ بِهِ) فَإِنْ شَكَّ حَرُمَ الْأَخْذُ. (وَيَحِلُّ نَثْرُ سُكَّرٍ وَغَيْرِهِ) كَاللَّوْزِ وَالْجَوْزِ وَالتَّمْرِ (فِي الْإِمْلَاكِ) عَلَى الْمَرْأَةِ لِلنِّكَاحِ وَفِي الْخِتَانِ (وَلَا يُكْرَهُ فِي الْأَصَحِّ) لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ لِلدَّنَاءَةِ فِي الْتِقَاطِهِ بِالِانْتِهَابِ، وَقَدْ يَأْخُذُهُ مَنْ غَيْرُهُ أَحَبُّ إلَى صَاحِبِ النِّثَارِ (وَيَحِلُّ الْتِقَاطُهُ وَتَرْكُهُ أَوْلَى)، كَالنَّثْرِ إلَّا إذَا عُرِفَ أَنَّ النَّاثِرَ لَا يُؤْثِرُ بَعْضَهُمْ بَعْضٍ، وَلَمْ يَقْدَحْ الِالْتِقَاطُ فِي مُرُوءَةِ الْمُلْتَقِطِ فَلَا يَكُونُ التَّرْكُ أَوْلَى، وَلَا يَخْفَى كَرَاهَةُ الِالْتِقَاطِ تَفْرِيعًا عَلَى كَرَاهَةِ النَّثْرِ، وَيُكْرَهُ أَخْذُ النِّثَارِ مِنْ الْهَوَاءِ بِإِزَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ كَذَلِكَ أَوْ الْتَقَطَهُ أَوْ وَقَعَ فِي حِجْرِهِ بَعْدَ بَسْطِهِ لَهُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ وَيَمْلِكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْسُطْ حِجْرَهُ لَهُ لَا يَمْلِكُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ تَمَلُّكِهِ، وَلَا فِعْلٌ نَعَمْ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَلَوْ سَقَطَ مِنْ حِجْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْصِدَ أَخْذَهُ أَوْ قَامَ، فَسَقَطَ بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ، وَلَوْ نَفَضَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ. . كتاب القسم والنشوز: وَالْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الْقَسْمُ كُلُّ زَوْجٍ عَاقِلٍ بَالِغًا كَانَ أَوْ مُرَاهِقًا رَشِيدًا أَوْ سَفِيهًا فَإِنْ وَقَعَ جَوْرٌ مِنْ الْمُرَاهِقِ، فَالْإِثْمُ عَلَى وَلِيِّهِ بِخِلَافِ السَّفِيهِ، فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ. (فَإِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِمَسْكَنٍ دَارَ عَلَيْهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ وَإِنْ انْفَرَدَ) بِمَسْكَنٍ (فَالْأَفْضَلُ الْمُضِيُّ إلَيْهِنَّ) صَوْنًا لَهُنَّ عَنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسَاكِنِ (وَلَهُ دُعَاؤُهُنَّ) إلَى مَسْكَنِهِ، وَعَلَيْهِنَّ الْإِجَابَةُ وَمَنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُنَّ فَنَاشِزَةٌ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ ذَهَابِهِ إلَى بَعْضٍ وَدُعَاءِ بَعْضٍ)، إلَى مَسْكَنِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْضِيلِ بَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ، وَالثَّانِي جَوَازُ ذَلِكَ كَمَا يَجُوزُ لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِبَعْضِهِنَّ دُونَ بَعْضٍ (إلَّا لِغَرَضٍ كَقُرْبِ مَسْكَنِ مَنْ مَضَى إلَيْهَا)، دُونَ الْأُخْرَى (أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهَا) دُونَ الْأُخْرَى، كَأَنْ تَكُونَ شَابَّةً، وَالْأُخْرَى عَجُوزًا فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَيَلْزَمُ مَنْ دَعَاهَا الْإِجَابَةُ، فَإِنْ أَبَتْ بَطَلَ حَقُّهَا. (وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيمَ بِمَسْكَنِ وَاحِدَةٍ وَيَدْعُوَهُنَّ) أَيْ الْبَاقِيَاتِ (إلَيْهِ) لِمَا فِي إتْيَانِهِنَّ بَيْتَ الضَّرَّةِ مِنْ الْمَشَقَّةِ، عَلَيْهِنَّ وَتَفْضِيلِهَا عَلَيْهِنَّ (وَأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ ضَرَّتَيْنِ) مَثَلًا (فِي مَسْكَنٍ إلَّا بِرِضَاهُمَا) لِأَنَّ جَمْعَهُمَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَبَاغُضِهِمَا يُوَلِّدُ كَثْرَةَ الْمُخَاصَمَةِ، وَيُشَوِّشُ الْعِشْرَةَ، فَإِنْ رَضِيَتَا بِهِ جَازَ لَكِنْ يُكْرَهُ وَطْءُ إحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى، لِأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ الْمُرُوءَةِ وَلَا يَلْزَمُهَا الْإِجَابَةُ إلَيْهِ، وَلَوْ اشْتَمَلَتْ دَارٌ عَلَى حُجَرٍ مُفْرَدَةِ الْمَرَافِقِ جَازَ إسْكَانُ الضَّرَّاتِ، فِيهَا مِنْ غَيْرِ رِضَاهُنَّ وَكَذَا إسْكَانُ، وَاحِدَةٍ فِي السُّفْلِ، وَأُخْرَى فِي الْعُلْوِ وَالْمَرَافِقُ مُتَمَيِّزَةٌ، لِأَنَّ كُلًّا مِمَّا ذُكِرَ مَسْكَنٌ. (وَلَهُ أَنْ يُرَتِّبَ الْقَسْمَ عَلَى لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا وَالْأَصْلُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ تَبَعٌ) لِأَنَّ اللَّيْلَ وَقْتُ السُّكُونِ وَالنَّهَارُ، وَقْتُ التَّرَدُّدِ فِي الْحَوَائِجِ قَالَ تَعَالَى{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا}، وَقَالَ: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} (فَإِنْ عَمِلَ لَيْلًا وَسَكَنَ نَهَارًا كَحَارِسٍ فَعَكْسُهُ)، أَيْ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ النَّهَارُ وَاللَّيْلُ تَابِعٌ لَهُ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُقِيمِ. أَمَّا الْمُسَافِرُ الَّذِي مَعَهُ زَوْجَاتُهُ فَعِمَادُ الْقَسْمِ فِي حَقِّهِ وَقْتُ النُّزُولِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا. (وَلِيس لِلْأَوَّلِ) وَهُوَ مِنْ الْأَصْلِ فِي حَقِّهِ اللَّيْلُ (دُخُولٌ فِي نَوْبَةٍ عَلَى أُخْرَى لَيْلًا، إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ)، وَلَوْ ظَنًّا (وَحِينَئِذٍ إنْ طَالَ مُكْثُهُ قُضِيَ) مِثْلُ مَا مَكَثَ فِي نَوْبَةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا (وَإِلَّا فَلَا) يَقْضِي وَكَذَا لَوْ تَعَدَّى بِالدُّخُولِ يَقْضِي إنْ طَالَ الْمُكْثُ وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ يَعْصِي، وَقَدَّرَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ الطَّوِيلَ بِثُلُثِ اللَّيْلِ وَالصَّحِيحُ لَا تَقْدِيرَ. (وَلَهُ الدُّخُولُ نَهَارًا لِوَضْعِ مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ)، كَأَخْذِ مَتَاعٍ وَتَسْلِيمِ نَفَقَةٍ (وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ)، فَإِنْ طَوَّلَهُ فَإِنَّ فِي الْمُهَذَّبِ يَجِبُ الْقَضَاءُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إذَا دَخَلَ لِحَاجَةٍ) كَمَا ذُكِرَ وَالثَّانِي يَقْضِي كَمَا فِي اللَّيْلِ (وَأَنَّ لَهُ مَا سِوَى وَطْءٍ مِنْ اسْتِمْتَاعٍ). وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ أَمَّا الْوَطْءُ فَيَحْرُمُ جَزْمًا، (وَأَنَّهُ يَقْضِي إذَا دَخَلَ بِلَا سَبَبٍ)، وَالثَّانِي لَا يَقْضِي. (وَلَا تَجِبُ تَسْوِيَةٌ فِي الْإِقَامَةِ نَهَارًا)، لِتَبَعِيَّتِهِ اللَّيْلَ. (وَأَقَلُّ نُوَبِ الْقَسْمِ لَيْلَةٌ)، فَلَا يَجُوزُ بِبَعْضِ لَيْلَةٍ، وَلَا بِلَيْلَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى لِمَا فِي التَّبْعِيضِ مِنْ تَشْوِيشِ الْعَيْشِ (وَهُوَ أَفْضَلُ) لِقُرْبِ الْعَهْدِ بِهِ مِنْ كُلِّهِنَّ (وَيَجُوزُ ثَلَاثًا) وَلَيْلَتَيْنِ (وَلَا زِيَادَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ)، مِنْ غَيْرِ رِضَاهُنَّ لِمَا فِيهِ مِنْ طُولِ الْعَهْدِ بِهِنَّ، وَقِيلَ فِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ يُزَادُ عَلَى الثَّلَاثِ، وَعَلَى هَذَا قِيلَ لَا يُزَادُ عَلَى سَبْعٍ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ تُسْتَحَقُّ لِجَدِيدَةٍ، كَمَا سَيَأْتِي وَقِيلَ يُزَادُ عَلَيْهَا مَا لَمْ تَبْلُغْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، مُدَّةَ تَرَبُّصِ الْمَوْلَى. (وَالصَّحِيحُ وُجُوبُ قُرْعَةٍ) بَيْنَ الزَّوْجَاتِ (لِلِابْتِدَاءِ) بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (وَقِيلَ يُتَخَيَّرُ)، بَيْنَهُنَّ فِي ذَلِكَ فَيَبْدَأُ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَبْدَأُ بِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا، وَبَعْدَ تَمَامِ نَوْبَتِهَا يُقْرِعُ بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ ثُمَّ بَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ، فَإِذَا تَمَّتْ النُّوَبُ رَاعَى التَّرْتِيبَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْقُرْعَةِ، وَلَوْ بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ فَقَدْ ظَلَمَ وَيُقْرِعُ بَيْنَ الثَّلَاثِ، فَإِذَا تَمَّتْ النُّوَبُ أَقْرَعَ لِلِابْتِدَاءِ. (وَلَا يَفْضُلُ فِي قَدْرِ نُوَبِهِ) وَإِنْ تَرَجَّحَتْ إحْدَاهُنَّ بِشَرَفٍ، وَغَيْرِهِ فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ فِي ذَلِكَ (لَكِنْ لِحُرَّةٍ مِثْلَا أَمَةٍ) كَأَنْ سَبَقَ نِكَاحُ الْأَمَةِ بِشُرُوطِهِ عَلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ، أَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا فَدَوْرُهُمَا لَيْلَتَانِ لِلْحُرَّةِ، وَلَيْلَةٌ لِلْأَمَةِ وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ الْأَمَةُ الْقَسْمَ إذَا اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ، بِأَنْ كَانَتْ مُسَلَّمَةً لِلزَّوْجِ لَيْلًا وَنَهَارًا كَالْحُرَّةِ. (وَتُخَصُّ بِكْرٌ جَدِيدَةٌ عِنْدَ زِفَافٍ بِسَبْعٍ بِلَا قَضَاءٍ)، لِلْأُخْرَيَاتِ (وَثَيِّبٌ بِثَلَاثٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ حِبَّانَ «سَبْعٌ لِلْبِكْرِ وَثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ» (وَيُسَنُّ تَخْيِيرُهَا) أَيْ الثَّيِّبِ (بَيْنَ ثَلَاثٍ بِلَا قَضَاءٍ) لِلْأُخْرَيَاتِ (وَسَبْعٍ بِقَضَاءٍ) لَهُنَّ، كَمَا فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَالتَّخْصِيصُ الْمَذْكُورُ وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ، لِتَزُولَ الْحِشْمَةُ بَيْنَهُمَا، وَيَجِبُ مُوَالَاةُ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْحِشْمَةَ لَا تَزُولُ بِالْمُفَرَّقِ، فَلَوْ فَرَّقَهُ لَمْ تُحْسَبْ وَاسْتَأْنَفَ، وَقُضِيَ الْمُفَرَّقُ لِلْأُخْرَيَاتِ، وَلَوْ كَانَتْ ثُيُوبَتُهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ، فَهِيَ كَالْبِكْرِ فِي الْأَصَحِّ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْجَدِيدَةُ حُرَّةً أَمْ أَمَةً. وَقِيلَ لِلْأَمَةِ نِصْفُ مَا ذُكِرَ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ لِلْكَسْرِ، وَقِيلَ يَجْبُرُهُ فَلِلْبِكْرِ أَرْبَعٌ وَلِلثَّيِّبِ لَيْلَتَانِ. وَلَوْ زَادَ الْبِكْرَ عَلَى السَّبْعِ قَضَى الزَّائِدَ لِلْأُخْرَيَاتِ، وَكَذَا لَوْ زَادَ الثَّيِّبَ عَلَى ثَلَاثٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا يَقْضِي الزَّائِدَ، كَمَا يَقْضِي السَّبْعَ إذَا اخْتَارَتْهَا.. (وَمَنْ سَافَرَتْ وَحْدَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَنَاشِزَةٌ)، فَلَا قَسْمَ لَهَا سَوَاءٌ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا أَمْ لِحَاجَتِهِ (وَبِإِذْنِهِ لِغَرَضِهِ)، كَأَنْ أَرْسَلَهَا فِي حَاجَتِهِ (يَقْضِي لَهَا) مَا فَاتَهَا (وَلِغَرَضِهَا) كَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَتِجَارَةٍ (لَا) يَقْضِي لَهَا (فِي الْجَدِيدِ) وَإِذْنُهُ يَرْفَعُ الْإِثْمَ عَنْهَا، وَالْقَدِيمُ يَقْضِي لِوُجُودِ الْإِذْنِ. (وَمَنْ سَافَرَ لِنَقْلَةٍ حَرُمَ أَنْ يَسْتَصْحِبَ بَعْضَهُنَّ)، بِقُرْعَةٍ وَدُونَهَا وَأَنْ يُخَلِّفَهُنَّ حَذَرًا مِنْ الْأَضْرَارِ بَلْ يَنْقُلُهُنَّ أَوْ يُطَلِّقُهُنَّ، فَإِنْ سَافَرَ بِبَعْضِهِنَّ قَضَى لِلْمُتَخَلِّفَاتِ، وَقِيلَ لَا يَقْضِي مُدَّةَ السَّفَرِ إنْ أَقْرَعَ (وَفِي سَائِرِ الْأَسْفَارِ الطَّوِيلَةِ وَكَذَا الْقَصِيرَةُ فِي الْأَصَحِّ يَسْتَصْحِبُ بَعْضَهُنَّ بِقُرْعَةٍ)، وَقِيلَ لَا يَسْتَصْحِبُ فِي الْقَصِيرَةِ لِأَنَّهَا كَالْإِقَامَةِ (وَلَا يَقْضِي مُدَّةَ سَفَرِهِ فَإِنْ وَصَلَ الْمَقْصِدَ)، بِكَسْرِ الصَّادِ (وَصَارَ مُقِيمًا قَضَى مُدَّةَ الْإِقَامَةِ لَا الرُّجُوعِ فِي الْأَصَحِّ)، وَقِيلَ يَقْضِي مُدَّةَ الرُّجُوعِ، لِأَنَّهَا سَفَرٌ جَدِيدٌ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ. (وَمَنْ وَهَبَتْ حَقَّهَا) مِنْ الْقَسْمِ لِغَيْرِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي (لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ الرِّضَا)، بِذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا حَقُّهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ تَرْكُهُ وَلَهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا (فَإِنْ رَضِيَ) بِالْهِبَةِ، (وَوَهَبَتْ لِمُعَيَّنَةٍ) مِنْهُنَّ (بَاتَ عِنْدَهَا لَيْلَتَيْهِمَا) كُلَّ لَيْلَةٍ فِي وَقْتِهَا مُتَّصِلَتَيْنِ كَانَتَا أَوْ مُنْفَصِلَتَيْنِ (وَقِيلَ) فِي المنفصلتين (يُوَالِيهِمَا) بِأَنْ يُقَدِّمَ لَيْلَةَ الْوَاهِبَةِ عَلَى وَقْتِهَا، وَيَصِلَهَا بِلَيْلَةِ الْمَوْهُوبَةِ عَلَى وَقْتِهَا، وَيَصِلَهَا بِلَيْلَةِ الْوَاهِبَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلُ عَلَيْهِ، وَالْمِقْدَارُ لَا يَخْتَلِفُ، وَعُورِضَ ذَلِكَ بِأَنَّ فِيهِ تَأْخِيرَ حَقِّ مَنْ بَيْنَ اللَّيْلَتَيْنِ، وَبِأَنَّ الْوَاهِبَةَ قَدْ تَرْجِعُ بَيْنَهُمَا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَالْمُوَالَاةُ تُفَوِّتُ حَقَّ الرُّجُوعِ، وَقَوْلُهُ رَضِيَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَوْهُوبِ لَهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ (أَوْ) وَهَبَتْ (لَهُنَّ سَوَّى) بَيْنَهُنَّ فَيَجْعَلُ الْوَاهِبَةَ كَالْمَعْدُومَةِ (أَوْ) وَهَبَتْ (لَهُ فَلَهُ التَّخْصِيصُ) أَيْ تَخْصِيصُ وَاحِدَةٍ بِنَوْبَةِ الْوَاهِبَةِ لِأَنَّهَا جَعَلَتْ الْحَقَّ لَهُ فَيَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، وَيَأْتِي فِي الِاتِّصَالِ وَالِانْفِصَالِ مَا سَبَقَ (وَقِيلَ يُسَوِّي) بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ وَلَا يُخَصِّصُ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ يُورِثُ الْوَحْشَةَ وَالْحِقْدَ، فَيَجْعَلُ الْوَاهِبَةَ كَالْمَعْدُومَةِ وَيَقْسِمُ بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ. . فَصْلٌ: (فَإِنْ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ) أَيْ الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ دَامَا عَلَى التَّسَابِّ وَالتَّضَارُبِ (بَعَثَ) الْقَاضِي (حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا) لِيَنْظُرَا فِي أَمْرِهِمَا بَعْدَ اخْتِلَاءِ حَكَمِهِ بِهِ، وَحَكَمِهَا بِهَا وَمَعْرِفَةِ مَا عِنْدَهُمَا فِي ذَلِكَ، وَيُصْلِحَا بَيْنَهُمَا أَوْ يُفَرِّقَا إنْ عَسُرَ الْإِصْلَاحُ عَلَى مَا سَيَأْتِي قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا} إلَخْ وَهَلْ بَعْثُهُ وَاجِبٌ، أَوْ مُسْتَحَبٌّ وَجْهَانِ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ، وُجُوبَهُ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي الْآيَةِ (وَهُمَا وَكِيلَانِ لَهُمَا وَفِي قَوْلٍ) حَاكِمَانِ (مُوَلَّيَانِ مِنْ الْحَاكِمِ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُمَا حَكَمَيْنِ، وَالْوَكِيلُ مَأْذُونٌ لَيْسَ بِحَكَمٍ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَالَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْفِرَاقِ وَالْبُضْعُ حَقُّ الزَّوْجِ، وَالْمَالُ حَقُّ الزَّوْجَةِ وَهُمَا رَشِيدَانِ، فَلَا يُوَلَّى عَلَيْهِمَا فِي حَقِّهِمَا (فَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا) بِبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ (فَيُوَكِّلُ) هُوَ (حَكَمَهُ بِطَلَاقٍ وَقَبُولِ عِوَضِ خُلْعٍ وَتُوكِلُ) هِيَ (حَكَمَهَا بِبَذْلِ عِوَضٍ وَقَبُولِ طَلَاقٍ بِهِ)، وَيُفَرِّقُ الْحَكَمَانِ بَيْنَهُمَا إنْ رَأَيَاهُ صَوَابًا وَعَلَى الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا بِبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ، وَإِذَا رَأَى حَكَمُ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ اسْتَقَلَّ بِهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى طَلْقَةٍ وَإِنْ رَأَى الْخُلْعَ، وَوَافَقَهُ حَكَمُهَا تَخَالَعَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ ثُمَّ الْحَكَمَانِ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا الْحُرِّيَّةُ وَالْعَدَالَةُ وَالِاهْتِدَاءُ إلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ بَعْثِهِمَا دُونَ الِاجْتِهَادِ، وَتُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ عَلَى الثَّانِي وَكَوْنُهُمَا مِنْ أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ أَوْلَى لَا وَاجِبٌ. . كتاب الخلع: (وَشَرْطُ قَابِلِهِ) أَيْ الْخُلْعِ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ بِجَوَابٍ أَوْ سُؤَالٍ لِيَصِحَّ خُلْعُهُ، (إطْلَاقُ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَالِ) بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (فَإِنْ اخْتَلَعَتْ أَمَةٌ بِلَا إذْنِ سَيِّدِ بِدَيْنٍ) فِي ذِمَّتِهَا (أَوْ عَيَّنَ مَالَهُ بَانَتْ) لِذِكْرِ الْعِوَضِ (وَلِلزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهَا مَهْرُ مِثْلٍ فِي صُورَةِ الْعَيْنِ وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهَا)، أَوْ مِثْلُهَا لِفَسَادِ الْعِوَضِ بِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ فِيهِ، (وَفِي صُورَةِ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى وَفِي قَوْلٍ مَهْرُ مِثْلٍ)، وَرَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَرَجَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ ثُمَّ مَا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهَا إنَّمَا تُطَالِبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ (وَإِنْ أَذِنَ) السَّيِّدُ، (وَعَيَّنَ عَيْنًا لَهُ) أَيْ مِنْ مَالِهِ (أَوْ قَدَّرَ دَيْنًا) فِي ذِمَّتِهَا كَأَلْفِ دِرْهَمٍ (فَامْتَثَلَتْ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ) فِي صُورَةِ الْعَيْنِ (وَبِكَسْبِهَا فِي الدَّيْنِ)، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى مَا قَدَّرَهُ طُولِبَتْ بِالزَّائِدِ بَعْدَ الْعِتْقِ، (وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ اقْتَضَى مَهْرَ مِثْلٍ مِنْ كَسْبِهَا)، فَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِ طُولِبَتْ بِالزَّائِدِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ قَالَ: اخْتَلِعِي بِمَا شِئْت اخْتَلَعَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَأَكْثَرَ مِنْهُ وَتَعَلَّقَ الْجَمِيعُ بِكَسْبِهَا، ثُمَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهَا يَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِهَا مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ، إنْ كَانَتْ مَأْذُونًا لَهَا فِيهَا وَهَلْ يَكُونُ السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي الْخُلْعِ بِالدِّينِ ضَامِنًا لَهُ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي مَهْرِ زَوْجَةِ الْعَبْدِ، (وَإِنْ خَالَعَ سَفِيهَةً) أَيْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا بِسَفَهٍ بِلَفْظِ الْخُلْعِ كَقَوْلِهِ خَالَعْتكِ عَلَى أَلْفٍ (أَوْ قَالَ) لَهَا (طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا)، وَلَغَا ذِكْرُ الْمَالِ، وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ فِيهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْتِزَامِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ، لَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ طَلُقَتْ بَائِنًا بِلَا مَالٍ، كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ، (فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لَمْ تَطْلُقْ)، لِأَنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي الْقَبُولَ فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ عَلَى صِفَةٍ. (وَيَصِحُّ اخْتِلَاعُ الْمَرِيضَةِ مَرَضَ الْمَوْتِ)، إذْ لَهَا التَّصَرُّفُ فِي مَالِهَا (وَلَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا زَائِدٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ)، بِخِلَافِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَأَقَلُّ مِنْهُ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ إنَّمَا هُوَ بِالزَّائِدِ وَلَيْسَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ لِخُرُوجِ الزَّوْجِ بِالْخُلْعِ عَنْ الْإِرْثِ، وَيَصِحُّ خُلْعُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يَبْقَى لِلْوَارِثِ لَوْ لَمْ يُخَالِعْ، (وَرَجْعِيَّةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الِافْتِدَاءِ الَّذِي هُوَ الْقَصْدُ بِالْخُلْعِ وَعَلَى هَذَا يَقَعُ بِالطَّلَاقِ رَجْعِيًّا إذَا قَبِلَتْ كَالسَّفِيهَةِ (لَا بَائِنٍ) بِخُلْعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ (وَيَصِحُّ عِوَضُهُ) أَيْ الْخُلْعِ (قَلِيلًا وَكَثِيرًا دَيْنًا وَعَيْنًا وَمَنْفَعَةً) كَالصَّدَاقِ، (وَلَوْ خَالَعَ بِمَجْهُولٍ) كَثَوْبٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مَوْصُوفٍ، (أَوْ غَيْرِ) مَعْلُومَةٍ (بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ فَسَادِ الْعِوَضِ، (وَفِي قَوْلٍ بِبَدَلِ الْخَمْرِ) وَهُوَ قَدْرُهَا مِنْ الْعَصِيرِ كَالْقَوْلَيْنِ فِي إصْدَاقِهَا وَلَوْ خَالَعَ عَلَى مَا لَا يُقْصَدُ كَالدَّمِ وَقَعَ رَجْعِيًّا بِخِلَافِ الْمَيِّتَةِ، لِأَنَّهَا قَدْ تُقْصَدُ لِلْجَوَارِحِ وَلِلضَّرُورَةِ (وَلَهُمَا التَّوْكِيلُ) فِي الْخُلْعِ (فَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ خَالِعْهَا بِمِائَةٍ لَمْ يَنْقُصْ عَنْهَا)، وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا مِنْ جِنْسِهَا أَوْ غَيْرِهِ، (وَإِنْ أَطْلَقَ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ)، لِأَنَّهُ الْمُرَادُ وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ وَغَيْرِهِ، (فَإِنْ نَقَصَ فِيهِمَا) بِأَنْ خَالَعَ بِدُونِ الْمِائَةِ فِي الْأُولَى وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الثَّانِيَةِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلْمَأْذُونِ فِيهِ وَلِلْمُرَادِ، (وَفِي قَوْلٍ يَقَعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ الْمُسَمَّى بِنَقْصِهِ عَنْ الْمَأْذُونِ، فِيهِ وَالْمُرَادِ وَرَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى لِمُخَالَفَةٍ فِيهَا لِصَرِيحِ الْإِذْنِ. (وَلَوْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا اخْتَلِعْ بِأَلْفٍ، فَامْتَثَلَ نَفَذَ) وَكَذَا لَوْ اخْتَلَعَهَا بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ، (وَإِنْ زَادَ فَقَالَ اخْتَلِعْهَا بِأَلْفَيْنِ مِنْ مَالِهَا بِوَكَالَتِهَا بَانَتْ وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ مِثْلٍ)، لِفَسَادِ الْمُسَمَّى بِزِيَادَتِهِ عَلَى الْمَأْذُونِ فِيهِ، (وَفِي قَوْلٍ الْأَكْثَرُ مِنْهُ وَمِمَّا سَمَّتْهُ) لِرِضَاهَا بِمَا سَمَّتْهُ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، كَذَا حَكَى هَذَا الْقَوْلَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَزَادَ فِي الشَّرْحِ فِي بَيَانِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ زَائِدًا عَلَى مَا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ لَا يَجِبُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ لِرِضَا الزَّوْجِ بِهِ، ثُمَّ قَالَ وَالْعِبَارَةُ الْوَافِيَةُ بِمَقْصُودِ الْقَوْلِ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ عَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ، مِمَّا سَمَّتْهُ هِيَ وَمِنْ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَمِمَّا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي حِكَايَتِهِ، (وَإِنْ أَضَافَ الْوَكِيلُ الْخُلْعَ إلَى نَفْسِهِ فَخَلَعَ أَجْنَبِيٌّ)، وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سَيَأْتِي، (وَالْمَالُ عَلَيْهِ) دُونَهَا (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْخُلْعَ أَيْ لَمْ يُضِفْهُ إلَيْهَا وَلَا إلَى نَفْسِهِ، (فَالْأَظْهَرُ أَنَّ عَلَيْهَا مَا سَمَّتْ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ)، فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ أَلْفٌ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي عَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا سَمَّتْهُ، وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مُسَمَّى الْوَكِيلِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ التَّكْمِلَةُ إنْ نَقَصَ عَنْ مُسَمَّاهُ، وَلَوْ أَضَافَ الْوَكِيلُ مَا سَمَّتْهُ إلَيْهَا، وَالزِّيَادَةُ إلَى نَفْسِهِ ثَبَتَ الْمَالِكُ كَذَلِكَ، وَحَيْثُ يَلْزَمُهَا الْمَالُ يُطَالِبُهَا الزَّوْجُ بِهِ، وَلَوْ أَطْلَقَتْ التَّوْكِيلَ، بِالِاخْتِلَاعِ لَمْ يَزِدْ الْوَكِيلُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ زَادَ عَلَى الْمُقَدَّرِ، وَلَا يَجِيءُ قَوْلُ وُجُوبِ أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ، (وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ فِي الْخُلْعِ مِنْ مُسْلِمَةٍ (ذِمِّيًّا) لِصِحَّةِ خُلْعِهِ مِمَّنْ أَسْلَمَتْ تَحْتَهُ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ، (وَعَبْدًا وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ)، وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ السَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِوَكِيلِ الزَّوْجِ فِي الْخُلْعِ عُهْدَةً بِخِلَافِ وَكِيلِ الزَّوْجَةِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ لَهُ إلَّا إذَا أَضَافَ الْمَالَ إلَيْهَا فَتَبَيَّنَ وَيَلْزَمُهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ أَطْلَقَ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا كَاخْتِلَاعِ السَّفِيهَةِ قَالَهُ الْبَغَوِيُّ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ، وَلَوْ وَكَّلَتْ عَبْدًا فِي الْخُلْعِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ السَّيِّدُ، فَإِنْ أَضَافَ الْمَالَ إلَيْهَا فَهِيَ الْمُطَالِبَةُ بِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ فِي الْوَكَالَةِ، طُولِبَ بِالْمَالِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِذَا غَرِمَهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ إذَا قَصَدَ الرُّجُوعَ، وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِي الْوَكَالَةِ تَعَلَّقَ الْمَالُ بِكَسْبِ الْعَبْدِ، فَإِذَا أَدَّى مِنْهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهَا فِي الْخُلْعِ ذِمِّيًّا أَيْضًا (وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي قَبْضِ الْعِوَضِ) فِي الْخُلْعِ، فَإِنْ وَكَّلَهُ وَقَبَضَ فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ الْمُخْتَلِعَ يَبْرَأُ وَالْمُوَكِّلَ مُضَيِّعٌ لِمَالِهِ، وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَوْكِيلِهِ امْرَأَةً بِخُلْعِ زَوْجَتِهِ أَوْ طَلَاقِهَا)، لِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ تَطْلِيقَ نَفْسِهَا بِقَوْلِهِ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك، وَذَلِكَ إمَّا تَمْلِيكٌ لِلطَّلَاقِ أَوْ تَوْكِيلٌ بِهِ إنْ كَانَ تَوْكِيلًا فَذَاكَ أَوْ تَمْلِيكًا فَمَنْ جَازَ تَمْلِيكُهُ الشَّيْءَ جَازَ تَوْكِيلُهُ بِهِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ وَكَّلَتْ الزَّوْجَةُ امْرَأَةً بِاخْتِلَاعِهَا جَازَ بِلَا خِلَافٍ لِاسْتِقْلَالِ الْمَرْأَةِ بِالِاخْتِلَاعِ، (وَلَوْ وَكَّلَا رَجُلًا) فِي الْخُلْعِ (تَوَلَّى طَرَفًا) مِنْهُ مَعَ أَحَد الزَّوْجَيْنِ أَوْ وَكِيلِهِ، وَلَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، (وَقِيلَ) يَتَوَلَّى (الطَّرَفَيْنِ) لِأَنَّ الْخُلْعَ يَكْفِي فِيهِ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، كَمَا لَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ ذَلِكَ يَقَعُ الطَّلَاقُ خُلْعًا وَعَلَى هَذَا، فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِأَحَدِ شِقَّيْ الْخُلْعِ خِلَافٌ كَمَا فِي بَيْعِ الْأَبِ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ وَلَدِهِ. . فَصْلٌ:
|