الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى
.فَصْلٌ: [تخييرُ الأمةِ تحتَ عَبدٍ]: قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: قِيَاسُ مَذْهَبِنَا جَوَازُهُ. (وَلِبِنْتِ تِسْعٍ أَوْ) بِنْتٍ (دُونَهَا إذَا بَلَغَتْهَا) أَيْ: تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ الْخِيَارُ (وَلِمَجْنُونَةٍ إذَا عَقَلَتْ وَلَمْ يَطَأْ) هَا الزَّوْجُ (قَبْلَ) اخْتِيَارِهَا الْفَسْخَ (الْخِيَارُ) فَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ أَنْ تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ أَوْ بَعْدَ أَنْ عَقَلَتْ وَلَمْ تَخْتَرْ، سَقَطَ خِيَارُهَا كَالْكَبِيرَةِ الْعَاقِلَةِ، لِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بِزَوْجَيْهِمَا عَيْبٌ يُوجِبُ الْفَسْخَ فَإِنْ وَطِئَهُمَا زَوْجَاهُمَا فَعَلَى مَا سَبَقَ لَا خِيَارَ لَهُمَا، لِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَلَا خِيَارَ لِبِنْتٍ دُونَ تِسْعٍ وَلَا الْمَجْنُونَةِ، لِأَنَّهُ لَا قَوْلَ لَهُمَا (دُونَ وَلِيِّ) مَجْنُونَةٍ وَبِنْتِ تِسْعٍ فَأَقَلَّ فَلَا خِيَارَ لَهُ، لِأَنَّ طَرِيقَهُ الشَّهْوَةُ، فَلَا تَدْخُلُهُ الْوِلَايَةُ كَالْقِصَاصِ. (فَإِنْ بَانَتْ) مَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ بِطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ: الْفَسْخِ (بَطَلَ خِيَارُهَا) لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ زَوْجٍ عَاقِلٍ يَمْلِكُ الْعِصْمَةَ، فَنَفَذَ كَمَا لَوْ لَمْ تَعْتِقْ الزَّوْجَةُ (وَإِنْ طَلُقَتْ) طَلَاقًا (رَجْعِيًّا) فَلَهَا الْخِيَارُ (أَوْ عَتَقَتْ الرَّجْعِيَّةُ فَلَهَا الْخِيَارُ) مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا بَاقٍ وَيُمْكِنُ فَسْخُهُ، وَلَهَا فِي الْفَسْخِ فَائِدَةٌ؛ فَإِنَّهَا لَا تَأْمَنُ رَجْعَتَهُ إذَا لَمْ تَفْسَخْ بِخِلَافِ الْبَائِنِ (فَإِنْ رَضِيَتْ) الرَّجْعِيَّةُ (بِالْمُقَامِ) تَحْتَ الْعَبْدِ بَعْدَ عِتْقِهَا (بَطَلَ) خِيَارُهَا؛ لِأَنَّهَا حَالَةٌ يَصِحُّ فِيهَا اخْتِيَارُ الْفَسْخِ، فَصَحَّ اخْتِيَارُ الْمُقَامِ كَصُلْبِ النِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ تَخْتَرْ شَيْئًا؛ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهَا، لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، وَسُكُوتُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا (وَمَتَى فَسَخَتْ) عَتِيقَةٌ نِكَاحَهَا (بَعْدَ دُخُولٍ فَمَهْرُهَا لِسَيِّدٍ) لِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ وَهِيَ مَلَكَتْهُ حَالَتَهُ، كَمَا لَوْ لَمْ تَفْسَخْ، وَالْوَاجِبُ الْمُسَمَّى؛ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، (وَ) مَتَى فَسَخَتْ (قَبْلَهُ) أَيْ: الدُّخُولِ (فَلَا مَهْرَ) نَصًّا لِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا، كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ، أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ يُفْسَخُ بِهِ نِكَاحُهَا (وَإِنْ شَرَطَ مُعْتِقُهَا) فِي عِتْقِهَا (أَنْ لَا تَفْسَخَ نِكَاحَهَا وَرَضِيَتْ) صَحَّ وَلَزِمَهَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ بِشَرْطٍ صَحِيحٍ (أَوْ بُذِلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (لَهَا) أَيْ: لِمَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ (عِوَضٌ) مِنْ السَّيِّدِ أَوْ غَيْرِهِ (لِتُسْقِطَ حَقَّهَا مِنْ فَسْخٍ مَلَكَتْهُ) بِالْعِتْقِ؛ صَحَّ وَلَزِمَهَا (أَوْ أَسْقَطَتْهُ) أَيْ: حَقَّهَا (بِلَا عِوَضٍ؛ صَحَّ) ذَلِكَ (وَلَزِمَهَا) نَصًّا وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى صِحَّةِ إسْقَاطِ الْخِيَارِ بِعِوَضٍ وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِجَوَازِهِ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ بِالْبَيْعِ. (وَمَنْ زَوَّجَ مُدَبَّرَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ بِعَبْدٍ عَلَى مِائَتَيْنِ مَهْرًا ثُمَّ مَاتَ) السَّيِّدُ (عَتَقَتْ، وَلَا فَسْخَ) أَيْ: لَا خِيَارَ لَهَا إنْ مَاتَ سَيِّدُهَا (قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (لِئَلَّا يَسْقُطَ الْمَهْرُ) لِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا (فَلَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَيُرَقُّ) بَعْضُهَا فَيُفْضِي إثْبَاتُ الْخِيَارِ لَهَا إلَى إسْقَاطِهِ (فَيَمْتَنِعُ الْفَسْخُ) لِأَنَّ مَا أَدَّى وُجُودُهُ إلَى رَفْعِهِ يَرْتَفِعُ مِنْ أَصْلِهِ (فَهَذِهِ) الصُّورَةُ (مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ كَلَامِ مَنْ أَطْلَقَ مِنْ الْأَصْحَابِ) أَنَّ مَنْ عَتَقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ رَقِيقٍ كُلِّهِ، لَهَا الْفَسْخُ، وَيُعَايَا بِهَا. فَيُقَالُ: أَمَةٌ عَتَقَتْ كُلُّهَا تَحْتَ رَقِيقٍ كُلِّهِ وَلَمْ تَمْلِكْ الْفَسْخَ. (وَيَتَّجِهُ بَلْ لَا يَمْتَنِعُ) الْفَسْخُ عَلَى مُدَبَّرَةٍ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدٍ (بِأَنْ) كَانَ (خَلَا بِهَا) زَوْجُهَا (بِلَا مُبَاشَرَةٍ) وَنَحْوُهُ مِمَّا يُقَرِّرُ الْمَهْرَ (فَيَتَقَرَّرُ) لَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا، وَيَسُوغُ لَهَا الْفَسْخُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ أَنَّهُ صَدَقَ وَعَلَيْهَا أَنَّهَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا (وَلَا يُرَدُّ مَا قَالُوهُ) أَيْ: الْأَصْحَابُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلِمَالِكِ زَوْجَيْنِ بَيْعُهُمَا) مَعًا (أَوْ) بَيْعُ (أَحَدِهِمَا وَلَا فُرْقَةَ بِذَلِكَ) أَيْ: بِبَيْعِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي النِّكَاحِ. (وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ؛ فَلَا خِيَارَ لَهُ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ) بِأَنْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ تَحْتَ عَبْدٍ؛ فَلَهَا الْخِيَارُ (لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ تُعْتَبَرُ فِيهِ) أَيْ: الرَّجُلِ (لَا فِيهَا) أَيْ: الْمَرْأَةِ. (وَسُنَّ لِمَالِكِ زَوْجَيْنِ أَرَادَ عِتْقَهُمَا بُدَاءَةً) عِتْقُ (الرَّجُلِ) ثُمَّ الْمَرْأَةِ (لِئَلَّا يَثْبُتَ لَهَا عَلَيْهِ خِيَارٌ). فَتَفْسَخَ نِكَاحَهَا لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِمَا «عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهُ كَانَ لَهَا غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ وَتَزَوَّجَا، فَقَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَهُمَا؛ فَقَالَ لَهَا: ابْدَئِي بِالرَّجُلِ قَبْلَ الْمَرْأَةِ». وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ، وَقَالَتْ لِلرَّجُلِ: إنِّي بَدَأْت بِعِتْقِك؛ لِئَلَّا يَكُونَ لَهَا عَلَيْك خِيَارٌ. تَتِمَّةٌ: وَمَنْ عَتَقَتْ وَزَادَهَا زَوْجُهَا فِي مَهْرِهَا؛ فَالزِّيَادَةُ لَهَا، دُونَ سَيِّدِهَا، وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ لَوْ زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا، ثُمَّ بَاعَهَا، فَزَادَهَا زَوْجُهَا فِي مَهْرِهَا؛ فَالزِّيَادَةُ لِلثَّانِي. قَالَهُ فِي الشَّرْحِ. .بَابُ الْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ: .(قِسْمٌ يَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ): (كَوْنُهُ) أَيْ: الرَّجُلِ (قَدْ قُطِعَ ذَكَرُهُ) كُلُّهُ (أَوْ) قُطِعَ (بَعْضُهُ، وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ (بِفِعْلِهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (وَلَمْ يَبْقَ) مِنْهُ (مَا يُمْكِنُ جِمَاعٌ بِهِ، وَ) مَتَى ادَّعَى الزَّوْجُ إمْكَانَ الْجِمَاعِ بِمَا بَقِيَ مِنْ ذَكَرِهِ، وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ؛ فَإِنَّهُ (يُقْبَلُ قَوْلُهَا) مَعَ يَمِينِهَا (فِي عَدَمِ إمْكَانِهِ) أَيْ: الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَضْعُفُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوَطْءِ. الشَّيْءُ الثَّانِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ قَطَعَ خُصْيَتَاهُ أَوْ رَضَّ بَيْضَتَاهُ) أَيْ: عَرَّقَهُمَا حَتَّى يَنْفَسِخَ فَيَصِيرُ شَبِيهًا بِالْخَصِيِّ (أَوْ سُلَّتَا) أَيْ: بَيْضَاتُهُ (فَتَفْسَخُ فِي الْكُلِّ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ فِيهِ نَقْصًا يَمْنَعُ الْوَطْءَ أَوْ يُضْعِفُهُ، وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارِ بْنِ سَنَدٍ: تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ خَصِيٌّ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَعْلَمْتَهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَعْلِمْهَا، ثُمَّ خَيِّرْهَا. الشَّيْءُ الثَّالِثُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ كَانَ عِنِّينًا) لَا يُمْكِنُهُ وَطْءٌ وَلَوْ لِكِبَرٍ (أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ) أُجِّلَ سَنَةً لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى (مَنْ) خُلِقَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِجَبٍّ أَوْ شَلَلٍ؛ ثَبَتَ الْخِيَارُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ مَأْيُوسٌ مِنْهُ، فَلَا مَعْنَى لِانْتِظَارِهِ، قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ. وَالْعِنِّينُ هُوَ الْعَاجِزُ عَنْ إيلَاجِ ذَكَرِهِ فِي الْفَرْجِ، مَأْخُوذٌ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ إذَا اعْتَرَضَ؛ لِأَنَّ ذَكَرَهُ يَعِنُّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُولِجَهُ أَيْ: يَعْتَرِضُ، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لِامْرَأَةِ الْعِنِّينِ بَعْدَ تَأْجِيلِهِ سَنَةً هِلَالِيَّةً. رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَعَلَيْهِ فَتْوَى فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سُمِّيَ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ، وَلِأَنَّهُ عَيْبٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ فَأَثْبَتَ الْخِيَارَ كَالْجَبِّ، وَأَمَّا قِصَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزَّبِيرِ فَلَمْ تَثْبُتْ عُنَّتُهُ، وَلَا طُلِبَ مِنْ الْمَرْأَةِ ضَرْبُ الْمُدَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَدْ صَحَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ طَلَاقٍ، فَلَا مَعْنَى لِضَرْبِ الْمُدَّةِ. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَمَتَى ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَجْزَ زَوْجِهَا عَنْ الْوَطْءِ لِعُنَّةٍ (بِأَنْ أَقَرَّ بِهَا) أَيْ: الْعُنَّةَ (أَوْ ثَبَتَتْ) عُنَّتُهُ (بِبَيِّنَةِ إقْرَارِهِ أَنَّهُ عِنِّينٌ)، كَأَنْ يَقُولَ: أَنَا عِنِّينٌ أَوْ عَاجِزٌ عَجْزَ خِلْقَةٍ، أَوْ عَاجِزٌ عَنْ الْوَطْءِ مُذْ كَيْت، أَوْ لَمْ يَنْتَشِرْ عَلَيَّ ذَكَرِي قَطُّ، أَوْ أَنَا عَاجِزٌ عَنْ الْوَطْءِ لَا أَدْرِي هَلْ هُوَ عَجْزُ عُنَّةٍ أَوْ غَيْرِ عُنَّةٍ، أَوْ أَنَا عَاجِزٌ عَنْ الْوَطْءِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ أَوْ عَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ، أَوْ لَسْت أَدْرِي مَا سَبَبُهُ وَلَمْ أَكُنْ عَاجِزًا قَبْلَ هَذَا، أَوْ أَنَا عَاجِزٌ عَنْ الْوَطْءِ لِدَاءٍ عَرَضَ لِي أَوْ لِأَنِّي مَطْبُوبٌ وَنَحْوُهُ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ، قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَالثِّقَةِ عُمِلَ بِهَا (أَوْ عُدِمَا) أَيْ: الْإِقْرَارُ وَالْبَيِّنَةُ (فَطَلَبَتْ) الزَّوْجَةُ (يَمِينَهُ فَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (وَلَمْ يَدَّعِ وَطْئًا) قَبْلَ دَعْوَاهَا (أُجِّلَ) وَلَوْ عَبْدًا (سَنَةً هِلَالِيَّةً) أَيْ: اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا هِلَالِيًّا. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيٌّ: هَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ حَيْثُ أَطُلَقُو السَّنَةَ، أَرَادُوا بِهَا الْهِلَالِيَّةَ، وَلَكِنْ تَعْلِيلُهُمْ الْفُصُولَ يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: قُلْت: الْخَطْبُ فِي ذَلِكَ يَسِيرٌ، وَالْمُدَّةُ مُتَقَارِبَةٌ، فَإِنَّ زِيَادَةَ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ عَلَى السَّنَةِ الْهِلَالِيَّةِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَرُبْعُ يَوْمٍ أَوْ خُمْسُ يَوْمٍ. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَابْتِدَاءُ السَّنَةِ (مُنْذُ تَرَافُعِهِ) إلَى الْحَاكِمِ، فَيَضْرِبُ لَهُ الْمُدَّةَ، وَلَا يَضْرِبُهَا غَيْرُهُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أَجَّلَ الْعِنِّينَ سَنَةً. وَلِأَنَّ الْعَجْزَ قَدْ يَكُونُ لِعُنَّةٍ وَقَدْ يَكُونُ لِمَرَضٍ فَتُضْرَبُ لَهُ سَنَةٌ لِتَمُرَّ بِهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ يُبْسٍ زَالَ فِي فَصْلِ الرُّطُوبَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الرُّطُوبَةِ زَالَ فِي فَصْلِ الْيُبْسِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بُرُودَةٍ زَالَ فِي فَصْلِ الْحَرَارَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ احْتِرَاقِ مِزَاجٍ، زَالَ فِي فَصْلِ الِاعْتِدَالِ، فَإِذَا مَضَتْ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ، وَاخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ الْأَهْوِيَةُ، وَلَمْ يَزُلْ، عُلِمَ أَنَّهُ خِلْقَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: أَهْلُ الطِّبِّ قَالُوا: الدَّاءُ لَا يَسْجُنُ فِي الْبَدَنِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةِ، ثُمَّ يَظْهَرُ. انْتَهَى. وَلَا يُعْتَبَرُ عَنْهُ إلَّا (بَعْدَ بُلُوغِهِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَجْزُهُ لِصِغَرٍ لَا خِلْقَةٍ (وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ مِنْهَا) أَيْ: السَّنَةِ (مَا اعْتَزَلَهُ) أَيْ: مُدَّةَ اعْتِزَالِ الزَّوْجَةِ لَهُ بِنُشُوزٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَقَطْ) لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ قِبَلِهَا، وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ عَنْهَا أَوْ سَافَرَ لِحَاجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ اُحْتُسِبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِهِ وَكَالْوَلِيِّ (فَإِنْ مَضَتْ) السَّنَةُ (وَلَمْ يَطَأْهَا) فِيهَا (فَلَهَا الْفَسْخُ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ جُبَّ ذَكَرُهُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَوْ بِفِعْلِهَا؛ فَلَهَا الْخِيَارُ مِنْ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ إذَنْ لِلتَّأْجِيلِ، وَالْفَسْخُ حِينَئِذٍ لِلْجَبِّ لَا لِلْعُنَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ (وَإِنْ قَالَ ثَابِتُ عُنَّةٍ وَطِئَهَا وَأَنْكَرَتْ) وَطْأَهُ إيَّاهَا (وَهِيَ ثَيِّبٌ؛ فَقَوْلُهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ وَقَدْ انْضَمَّ إلَيْهِ وُجُودُ مَا يَقْتَضِي الْفَسْخَ، وَهُوَ ثُبُوتُ الْعُنَّةِ (كـَ) مَا لَوْ ادَّعَى زَوْجٌ ثَابِتُ الْعُنَّةِ وَطْءَ (بِكْرٍ) بَعْدَ أَنْ أُجِّلَ، فَأَنْكَرَتْ، وَشَهِدَ بِعُذْرَتِهَا امْرَأَةٌ ثِقَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، لِأَنَّ وُجُودَ الْعُذْرَةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُهَا، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ عُنَّتُهُ قَبْلَ دَعْوَاهُ وَطْأَهَا، أَوْ لَمْ يَشْهَدْ بِالْبَكَارَةِ أَحَدٌ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ (وَعَلَيْهَا الْيَمِينُ وَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ (أَزَلْت بَكَارَتَهَا وَعَادَتْ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، فَلِذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا بِيَمِينِهَا (فَإِنْ شُهِدَ لَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ؛ أَيْ: شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ (بِزَوَالِهَا) أَيْ: الْبَكَارَةِ (فَلَيْسَ بِعِنِّينٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْعِنِّينِ لِتَبَيُّنِ كَذِبِهَا، لِثُبُوتِ زَوَالِ بَكَارَتِهَا (وَحَلَفَ) لُزُومًا (إنْ قَالَتْ زَالَتْ) بَكَارَتُهَا (بِغَيْرِ وَطْءٍ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِهَا. (وَمَنْ لَمْ تَثْبُتْ عُنَّتُهُ وَادَّعَى الْوَطْءَ فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا، وَفِي الْإِقْنَاعِ وَشَرْحِهِ وَإِنْ ادَّعَى زَوْجٌ وَطْءَ بِكْرٍ فَشَهِدَ بِعُذْرَتِهَا بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: بَكَارَتِهَا امْرَأَةٌ ثِقَةٌ، أُجِّلَ سَنَةً كَمَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا، وَالْأَحْوَطُ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ ثِقَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهَا أَيْ الْبَكَارَةِ أَحَدٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ، وَلَمْ يَقُلْ فِي الْمُنْتَهَى مُطْلَقًا، ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ: مَنْ لَمْ تَثْبُتْ عُنَّتُهُ، وَادَّعَى الْوَطْءَ، قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ دَعْوَاهَا الْبَكَارَةَ، وَلَمْ تَقُمْ بِبَكَارَتِهَا الْبَيِّنَةُ، فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ مُخَالِفَةٌ لِتَصْرِيحِ الْإِقْنَاعِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى، وَكَانَ عَلَيْهِ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: فَإِنْ أَنْكَرَ الْعُنَّةَ، وَلَمْ يَدَّعِ وَطْئًا؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أُجِّلَ السَّنَةَ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَقَالَ: لَسْت أَدْرِي أَعِنِّينٌ أَنَا أَمْ لَا؟ فَيُؤَجَّلُ سَنَةً، كَمَا لَوْ أَنْكَرَ الْعُنَّةَ، وَنَكَلَ الْيَمِينَ فَإِنَّ النُّكُولَ عَنْ الْجَوَابِ كَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ. (وَمَنْ اعْتَرَفَتْ بِوَطْئِهِ) أَيْ: زَوْجِهَا (فِي قُبُلٍ) لَهَا (بِنِكَاحٍ تَرَافَعَا فِيهِ وَلَوْ) قَالَتْ: وَطِئَنِي (مَرَّةً) وَاحِدَةً (أَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ رِدَّةٍ وَنَحْوِهِ) كَفِي مَرَضٍ يَضُرُّهَا فِيهِ الْوَطْءُ أَوْ وَهِيَ صَائِمَةٌ، وَكَانَ اعْتِرَافُهَا بِالْوَطْءِ (بَعْدَ ثُبُوتِ عُنَّتِهِ، فَقَدْ زَالَتْ) عُنَّتُهُ؛ لِإِقْرَارِهَا بِمَا يَتَضَمَّنُ زَوَالَهَا، وَهُوَ الْوَطْءُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ إقْرَارُهَا بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ قَبْلَ ثُبُوتِ عُنَّتِهِ (فَلَيْسَ بِعِنِّينٍ) لِاعْتِرَافِهَا بِمَا يُنَافِي دَعْوَاهَا، وَلِأَنَّ حُقُوقَ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ اسْتِقْرَارِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ ثَبَتَتْ بِالْوَطْءِ مَرَّةً، وَقَدْ وُجِدَ (وَلَا تَزُولُ عُنَّةٌ بِوَطْءِ غَيْرِ مُدَّعِيَةٍ) لِأَنَّ حُكْمَ كُلِّ امْرَأَةٍ يُعْتَبَرُ بِنَفْسِهَا، وَلِأَنَّ الْفَسْخَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِعَجْزِهِ عَنْ وَطْئِهَا وَهُوَ لَا يَزُولُ بِوَطْءِ غَيْرِهَا، قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَوَطِئَ ثَلَاثًا مِنْهُنَّ، ثُمَّ عَنْ عَنْ الرَّابِعَةِ؛ كَانَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ، وَيَثْبُتُ لَهَا الْفَسْخُ عِنْدَ انْقِضَائِهَا. انْتَهَى. فَإِنْ قِيلَ: كَيْف يَصِحُّ الْعَجْزُ عَنْ وَاحِدَةٍ دُونَ غَيْرِهَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ تَنْهَضُ شَهْوَتُهُ فِي حَقِّ إحْدَاهُمَا لِفَرْطِ حُبِّهِ إيَّاهَا وَمَيْلِهِ إلَيْهَا وَاخْتِصَاصِهَا بِجَمَالٍ وَنَحْوِهِ دُونَ الْأُخْرَى (أَوْ) أَيْ: وَلَا تَزُولُ عُنَّتُهُ بِوَطْءِ مُدَّعِيَتِهِ (فِي دُبُرٍ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحِلًّا لِلْوَطْءِ فَأَشْبَهَ الْوَطْءَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَلِذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إحْصَانٌ وَلَا إحْلَالٌ لِمُطَلَّقِهَا ثَلَاثًا، وَلَا تَزُولُ عُنَّةٌ بِالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ سَابِقٍ؛ لِأَنَّ الْعُنَّةَ قَدْ تَطْرَأُ، فَلَوْ تَزَوَّجَهَا فَبَانَتْ مِنْهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا فَعُنَّ عَنْهَا، ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَعُنَّ عَنْ امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى فَفِي نِكَاحٍ دُونَ نِكَاحٍ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فَوَطِئَهَا فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْخِيَارُ؛ لِقَوْلِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَابْنِ مَنْصُورٍ: إذَا وَصَلَ إلَيْهَا مَرَّةً؛ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ عِنِّينًا، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْأَثْرَمِ: إذَا وَصَلَ إلَى امْرَأَتِهِ مَرَّةً لَيْسَ بِعِنِّينٍ؛ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بَعْدُ، وَإِنْ طَالَبَتْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. (وَإِنْ ادَّعَتْ زَوْجَةُ مَجْنُونٍ عُنَّتَهُ؛ أُجِّلَ) قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ مِلْكِ الْفَسْخِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِالْعَجْزِ عَنْ الْوَطْءِ، وَذَلِكَ يَسْتَوِي فِيهِ الْمَجْنُونُ وَالْعَاقِلُ، (وَ) يَكُونُ الْقَوْلُ (قَوْلَهَا فِي عَدَمِ الْوَطْءِ وَلَوْ) كَانَتْ (ثَيِّبًا) لِأَنَّ قَوْلَ الْمَجْنُونِ لَا حُكْمَ لَهُ. قَالَ فِي الْمُنْتَهَى وَمَجْنُونٌ ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ كَعَاقِلٍ فِي ضَرْبِ الْمُدَّةِ؛ فَمَفْهُومُهُ إذَا لَمْ تَثْبُتْ عُنَّتُهُ بِإِقْرَارِهِ قَبْلَ أَنْ يُجَنَّ لَمْ تُضْرَبْ لَهُ الْمُدَّةُ، فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُشِيرَ إلَى خِلَافِهِ (وَمَنْ حَدَثَ بِهَا جُنُونٌ) فِي الْمُدَّةِ الَّتِي ضُرِبَتْ لِزَوْجِهَا الْعِنِّينِ وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ (حَتَّى انْتَهَتْ) الْمُدَّةُ (وَلَمْ يَطَأْهَا فَلِوَلِيِّهَا) أَيْ: الْمَجْنُونَةِ (الْفَسْخُ) لِتَعَذُّرِهِ مِنْ جِهَتِهَا، وَتَحَقُّقِ احْتِيَاجِهَا لِلْوَطْءِ بِدَلِيلِ طَلَبِهَا قَبْلَ جُنُونِهَا. (وَيَسْقُطُ حَقُّ زَوْجَةِ عِنِّينٍ وَ) زَوْجَةِ (مَقْطُوعِ بَعْضِ ذَكَرِهِ بِتَغْيِيبِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ) فِي الْفَرْجِ، وَغَيْرُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ بَعْضِ، وَإِنَّمَا قَالُوا بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ مِنْ سَلِيمِهَا؛ أَيْ: لَا زِيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ سَائِرُ أَحْكَامِ الْوَطْءِ مِنْ الْغُسْلِ وَالْحَدِّ وَالْعِدَّةِ وَلُحُوقِ النَّسَبِ وَاسْتِقْرَارِ الْمَهْرِ وَالْإِحْصَانِ وَالْإِبَاحَةِ لِلْمُطَلَّقِ ثَلَاثًا (أَوْ) تَغْيِيبِ (قَدْرِهَا) أَيْ: الْحَشَفَةِ مِنْ مَقْطُوعِهَا (مَعَ انْتِشَارٍ) لِيَكُونَ مَا يُجْزِئُ مِنْ الْمَقْطُوعِ مِثْلَ مَا يُجْزِئُ مِنْ الصَّحِيحِ. (وَلَوْ بَانَ عَقِيمًا) لَا تَحْمِلُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ؛ فَلَا يَثْبُتُ لَهَا الْفَسْخُ، وَلَوْ ثَبَتَ لِذَلِكَ لَثَبَتَ فِي الْآيِسَةِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ؛ فَإِنَّ رِجَالًا لَا يُولَدُ لِأَحَدِهِمْ وَهُوَ شَابٌّ؛ ثُمَّ يُولَدُ لَهُ وَهُوَ شَيْخٌ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ مِنْهُمَا (أَوْ كَانَ يَطَأُ وَلَا يُنْزِلُ)؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطَأُ وَلَا يُنْزِلُ، وَقَدْ يُنْزِلُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ، فَإِنَّ ضَعْفَ الذَّكَرِ لَا يَمْنَعُ سَلَامَةَ الظَّهْرِ وَنُزُولِ الْمَاءِ، وَقَدْ يَعْجِزُ السَّلِيمُ الْقَادِرُ عَنْ الْوَطْءِ، فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْوَطْءِ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ أَوْ وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ يَكُونُ عِنِّينًا إذَا تَقَرَّرَ هَذَا (فَلَا خِيَارَ لَهَا، لِأَنَّ حَقَّهَا فِي الْوَطْءِ لَا فِي الْإِنْزَالِ) فَاعْتِبَارِ خُرُوجِ الْمَاءِ ضَعِيفٌ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَمَنْ أَثْبَتَ عِلْمَهَا بِعُنَّتِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَهُ لَمْ يُؤَجَّلْ) لِدُخُولِهَا عَلَى بَصِيرَةٍ (وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ) بِأَنَّهُ عِنِّينٌ (إلَّا بَعْدَ دُخُولٍ، فَسَكَتَتْ عَنْ الطَّلَبِ) ثُمَّ طَالَبَتْ بَعْدَ ذَلِكَ؛ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ وَ(لَمْ يَضُرَّ) سُكُوتُهَا؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، وَلَا يَسْقُطُ طَلَبُهَا إلَّا بِالْقَوْلِ، فَلَوْ قَالَتْ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ: رَضِيت بِهِ عِنِّينًا؛ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْفَسْخِ؛ لِإِسْقَاطِهَا حَقَّهَا. تَتِمَّةٌ: وَكُلُّ مَوْضِعٍ حَكَمْنَا بِوَطْئِهِ فِيهِ بَطَلَ حُكْمُ عُنَّتِهِ، فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بِوَطْئِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ عِنْدَ التَّرَافُعِ لَمْ تُضْرَبْ لَهُ مُدَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا عُنَّةَ مَعَ الْوَطْءِ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بِوَطْئِهِ بَعْدَ ضَرْبِهَا انْقَطَعَتْ عُنَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ زَوَالُهَا، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بِوَطْئِهِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا؛ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا خِيَارُ الْفَسْخِ؛ لِزَوَالِ مُوجِبِهِ، كَمَا لَوْ زَالَ عَيْبُ الْمَبِيعِ سَرِيعًا، وَكُلُّ مَوْضِعٍ حَكَمْنَا بِعَدَمِ الْوَطْءِ فِيهِ حَكَمْنَا بِعُنَّتِهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهَا؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْوَطْءِ عَلَامَتُهَا. .(وَقِسْمٌ) مِنْ الْعُيُوبِ (يَخْتَصُّ بِالْمَرْأَةِ): .(وَقِسْمٌ مُشْتَرَكٌ) بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ: وَ(لَا) يَثْبُتُ خِيَارٌ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ) مِنْ الْعُيُوبِ (بِلَا شَرْطٍ) فَإِنْ كَانَ شَرْطٌ مِنْ الزَّوْجِ عُمِلَ بِهِ (كَعَوَرٍ وَعَرَجٍ وَقَطْعِ يَدٍ وَ) قَطْعِ (رِجْلٍ وَعَمًى وَخَرَسٍ وَطَرَشٍ) وَقَرْعٍ لَا رِيحَ لَهُ (وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا عَقِيمًا أَوْ نِضْوًا) أَيْ: نَحِيفًا جِدًّا أَوْ سَمِينًا جِدًّا وَكَشَيْخٍ، وَرَائِحَةِ إبْطٍ وَلَوْ مُنْكَرَةً، لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ، وَلَا يُخْشَى تَعَدِّيهِ (خِلَافًا لِابْنِ الْقَيِّمِ) فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْهَدْيِ فِيمَنْ بِهِ عَيْبٌ كَقَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ عَمًى أَوْ خَرَسٍ أَوْ طَرَشٍ وَكُلُّ عَيْبٍ يُنَفِّرُ الزَّوْجَ الْآخَرَ مِنْهُ، وَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ النِّكَاحِ مِنْ الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ: يُوجِبُ الْخِيَارَ، وَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا: يَنْصَرِفُ الْإِطْلَاقُ إلَى السَّلَامَةِ، فَهُوَ كَالْمَشْرُوطِ عُرْفًا. انْتَهَى. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ. انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ الْوَطْءُ، وَهَذِهِ لَا تَمْنَعُهُ وَالْحُرَّةُ لَا تُقْلَبُ كَمَا تُقْلَبُ الْأَمَةُ، وَالزَّوْجُ قَدْ رَضِيَهَا مُطْلَقًا، وَهُوَ لَمْ يَشْتَرِطْ صِفَةً، فَبَانَتْ دُونَهَا، وَالْبَيْعُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنْ شَرَطَ نَفْيَ ذَلِكَ أَوْ شَرَطَهَا بِكْرًا أَوْ جَمِيلَةً أَوْ نَسِيبَةً، فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ، فَلَهُ الْخِيَارُ لِشَرْطِهِ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَتْهُ أَوْ ظَنَّتْهُ حُرًّا فَبَانَ عَبْدًا، وَتَقَدَّمَ. .فَصْلٌ: [لَا يَثْبُتُ خِيَارٌ فِي عَيْبٍ زَالَ بَعْدَ عَقْدٍ لِزَوَالِ سَبَبِهِ]: وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (أَوْ زَادَ الْعَيْبُ) كَأَنْ كَانَ بِهِ بَرَصٌ قَلِيلٌ فَانْبَسَطَ فِي جِلْدِهِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِهِ رِضًى بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ (أَوْ ظَنَّهُ) أَيْ: الْعَيْبَ (يَسِيرًا) فَبَانَ كَثِيرًا كَظَنِّهِ الْبَرَصَ فِي قَلِيلٍ مِنْ جَسَدِهَا، فَبَانَ فِي كَثِيرٍ مِنْهُ، فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا رَضِيَ بِهِ. (وَمَنْ رَضِيَ بِعَيْبٍ ثُمَّ حَدَثَ عَيْبٌ آخَرُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَلَهُ الْخِيَارُ) وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّهُ عَيْبٌ أَثْبَتَ الْخِيَارَ مُقَارِنًا، فَأَثْبَتَهُ طَارِئًا كَالْإِعْسَارِ وَالرِّقِّ، يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ مِنْ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ، وَلَوْ حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ دُخُولٍ. وَلَا يَرْجِعُ زَوْجٌ فَسَخَ بَعْدَ دُخُولٍ لِعَيْبٍ طَرَأَ بِالْمَهْرِ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ غُرُورٌ. (وَمَنْ فَسَخَ) مِنْهُمَا النِّكَاحَ (لِعَيْبٍ) كَأَنْ رَأَى أَحَدُهُمَا بِبَدَنِ الْآخَرِ بَيَاضًا فَظَنَّهُ بَرَصًا (فَبَانَ عَدَمُهُ) أَيْ: الْعَيْبِ (فَالنِّكَاحُ بَاقٍ بِحَالِهِ) وَالْفَسْخُ بَاطِلٌ، إذْ الْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا. (وَلَا يَصِحُّ فَسْخٌ فِي خِيَارِ عَيْبٍ وَ) خِيَارِ (شَرْطٍ بِلَا) حُكْمِ (حَاكِمٍ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَافْتَقَرَ إلَيْهِ كَالْفَسْخِ لِلْعُنَّةِ وَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (خِلَافًا لِلشَّيْخِ) تَقِيِّ الدِّينِ، فَإِنَّهُ قَالَ عَنْ الْحَاكِمِ: لَيْسَ هُوَ الْفَاسِخُ، وَإِنَّمَا يَأْذَنُ وَيَحْكُمُ بِهِ، فَمَتَى أَذِنَ أَوْ حَكَمَ لِأَحَدٍ بِاسْتِحْقَاقِ عَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ؛ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى حُكْمٍ بِصِحَّتِهِ بِلَا نِزَاعٍ. انْتَهَى. وَالْمَذْهَبُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَوَلَّاهُ الْحَاكِمُ (فَيَفْسَخَهُ)- أَيْ: النِّكَاحَ- الْحَاكِمُ بِطَلَبٍ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ (أَوْ يَرُدَّهُ) أَيْ: الْفَسْخَ (إلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) فَيَفْسَخَهُ وَيَكُونُ كَحُكْمِهِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ. (وَيَصِحُّ) الْفَسْخُ مِنْ الْمَرْأَةِ حَيْثُ مَلَكَتْهُ (مَعَ غَيْبَةِ زَوْجٍ) كَفَسْخِ مُشْتَرٍ بَيْعًا لِعَيْبٍ مَعَ غَيْبَةِ بَائِعٍ، وَالْأُولَى أَنْ يَكُونَ الْفَسْخُ مَعَ حُضُورِ الزَّوْجِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ فِي غَيْبَتِهِ، وَالْفَسْخُ لَا يُنْقِصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ، وَلِلزَّوْجِ إعَادَتُهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى طَلَاقٍ ثَلَاثٍ حَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ طَلَاقٌ، وَكَذَا سَائِرُ الْفُسُوخِ كَالْفَسْخِ لِإِعْسَارِهِ بِالصَّدَاقِ أَوْ بِالنَّفَقَةِ، وَفَسْخِ الْحَاكِمِ عَلَى الْمَوْلَى بِشَرْطِهِ، إلَّا فُرْقَةَ اللِّعَانِ، فَإِنَّ الْمُلَاعَنَةَ تَحْرُمُ أَبَدًا كَمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ فَسَخَ) النِّكَاحَ (قَبْلَ دُخُولٍ، فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا مُتْعَةَ)، سَوَاءٌ كَانَ الْفَسْخُ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ، لِأَنَّ الْفَسْخَ إنْ كَانَ مِنْهَا فَالْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ فَإِنَّمَا فَسْخٌ لِعَيْبٍ بِهَا دَلَّسَتْهُ عَلَيْهِ بِالْإِخْفَاءِ، فَصَارَ الْفَسْخُ كَأَنَّهُ مِنْهَا. (وَلَهَا) أَيْ: لِزَوْجَةٍ فَسَخَتْ لِعَيْبِ زَوْجِهَا، أَوْ فَسَخَ لِعَيْبِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ خَلْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُقَرِّرُ الْمَهْرَ كَلَمْسٍ لِشَهْوَةٍ وَتَقْبِيلِهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ (الْمُسَمَّى) لِأَنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ وُجِدَ بِأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الصِّحَّةِ (وَكَمَا لَوْ طَرَأَ الْعَيْبُ بَعْدَ دُخُولٍ) لِأَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ، وَيَسْتَقِرُّ بِالدُّخُولِ فَلَا يَسْقُطُ بِحَادِثٍ بَعْدَهُ، وَلِذَلِكَ لَا يَسْقُطُ بِرِدَّتِهَا، وَلَا يُفْسَخُ مِنْ جِهَتِهَا. (وَيَرْجِعُ) زَوْجٌ (بِهِ) أَيْ: بِنَظِيرِ مُسَمًّى غَرِمَهُ لَا إنْ أُبْرِئَ مِنْهُ (عَلَى مُغْرٍ لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ عَاقِلَةٍ) وَشَرَطَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيِّ مَعَ ذَلِكَ كَوْنَ الزَّوْجَةِ بَالِغَةً وَقْتَ عَقْدٍ (لِيُوجَدَ) مِنْهَا (تَغْرِيرٌ مُحَرَّمٌ) إذْ الصَّغِيرَةُ لَا تُنْسَبُ أَفْعَالُهَا إلَى التَّحْرِيمِ (وَوَلِيٍّ وَوَكِيلٍ) رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ، وَكَمَا لَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ: كُنْت أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ فَهِبْته، فَمِلْت إلَى قَوْلِ عُمَرَ إذَا تَزَوَّجَهَا فَرَأَى جُذَامًا أَوْ بَرَصًا، فَإِنَّ لَهَا صَدَاقَهَا بِمَسِيسِهِ إيَّاهَا، وَوَلِيُّهَا ضَامِنٌ لِلصَّدَاقِ؛ أَيْ: لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِمَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ فِي النِّكَاحِ، فَكَانَ الْمَهْرُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ غَرَّهُ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ عَلِمَ؛ غَرِمَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ، فَالتَّغْرِيرُ مِنْ الْمَرْأَةِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى (فَأَيُّهُمْ انْفَرَدَ) مِنْ زَوْجَةٍ وَوَلِيٍّ وَوَكِيلٍ (بِالْغَرَرِ؛ ضَمِنَ) وَحْدَهُ؛ لِانْفِرَادِهِ بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ. (وَيُقْبَلُ قَوْلُ وَكِيلٍ وَوَلِيٍّ وَلَوْ مَحْرَمًا) كَأَبِيهَا وَأَخِيهَا وَعَمِّهَا (فِي عَدَمِ عِلْمِهِ بِعَيْبٍ) حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّغْرِيرَ مِنْ غَيْرِهِ (وَكَذَا هِيَ) يُقْبَلُ قَوْلُهَا (فِي عَدَمِ عِلْمِهَا بِهِ) أَيْ: عَيْبِهَا إنْ اُحْتُمِلَ (قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهَا، فَإِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ، فَلَوْ وَجَدَ التَّغْرِيرَ (مِنْهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (وَ) مِنْ (وَلِيٍّ؛ فَالضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ) لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ، وَلَوْ وَجَدَ التَّغْرِيرَ (مِنْهَا وَمِنْ وَكِيلٍ) فَالضَّمَانُ (عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ) قَالَهُ الْمُوَفَّقُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْوَكِيلِ كَفِعْلِ الْمُوَكِّلِ، فَقَدْ صَدَرَ الْغُرُورُ مِنْهُمَا، فَيَكُونُ الْغُرُورُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، بِخِلَافِ الْوَلِيِّ، فَلَيْسَ فِعْلُهُ فِعْلَ مَوْلَاهُ. (وَلَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى لِغَارَّةٍ) فُسِخَ نِكَاحُهَا إذَا كَانَتْ (غَيْرَ حَامِلٍ) فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا؛ فَتَجِبُ النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ كَالْبَائِنِ. (وَمِثْلُهَا) أَيْ: مَسْأَلَةِ مَا إذَا غُرَّ الزَّوْجُ بِمَعِيبَتِهِ (فِي رُجُوعٍ عَلَى غَارٍّ لَوْ زَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً، فَأَدْخَلُوا عَلَيْهِ غَيْرَهَا) أَيْ: غَيْرَ زَوْجَتِهِ، فَوَطِئَهَا؛ فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا؛ لِلشُّبْهَةِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِإِدْخَالِهَا عَلَيْهِ (وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ) إنْ حَمَلَتْ نَصًّا؛ لِلشُّبْهَةِ، وَتُجَهَّزُ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ بِالْمَهْرِ الْأَوَّلِ نَصًّا (وَتَقَدَّمَ) نَحْوُهُ فِي بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ. (وَإِنْ طَلُقَتْ) الْمَعِيبَةُ (قَبْلَ دُخُولٍ) بِهَا وَقَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ؛ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِالْتِزَامِهِ بِطَلَاقِهَا، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَحَدٍ (أَوْ) طَلُقَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ: الدُّخُولِ (أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (مَعَ عَيْبِهِمَا أَوْ عَيْبِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ عِلْمٍ بِهِ) أَيْ الْعَيْبِ وَقَبْلَ فَسْخٍ؛ فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا؛ لِتَقَرُّرِهِ بِالْمَوْتِ (وَلَا رُجُوعَ) بِالصَّدَاقِ الْمُسْتَقِرِّ عَلَى أَحَدٍ (لِأَنَّ سَبَبَهُ) أَيْ، الرُّجُوعِ (الْفَسْخُ، وَلَمْ يُوجَدْ) وَهَا هُنَا اسْتَقَرَّ الصَّدَاقُ بِالْمَوْتِ، فَلَا رُجُوعَ بِهِ.
|